السؤال
اشتريت زرعا وأعتني به، وأسقيه، فهل في ذلك ثواب؟ أم يجب علي أن أزرع بنفسي حتى أحصل على الأجر؟
وشكرا.
اشتريت زرعا وأعتني به، وأسقيه، فهل في ذلك ثواب؟ أم يجب علي أن أزرع بنفسي حتى أحصل على الأجر؟
وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزروع والأشجار المنتفع بها تعتبر مالا يجب حفظه، ويحرم تضييعه بعدم سقيه، أو إهماله، وذلك من إضاعة المال، وإهلاك الحرث، وهو منهي عنه، قال تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ {البقرة:205}.
وفي الحديث: إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا:.......... ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال. رواه مسلم.
وعليه؛ فمن ملك زرعا له قيمة شرعية بشراء أو غيره وجب عليه حفظه، وعدم تعريضه للتلف، وإذا قام عليه واعتنى به بنية حفظ المال المأمور به شرعا، أجر على ذلك -بإذن الله تعالى- وإن لم يكن هو من قام بالزرع، لأن أقل أحوال العناية بالزرع أن تكون من المباحات، والمباح يكون عملاً صالحًا يؤجر عليه الإنسان إذا نوى به قربة لله تعالى.
أما الفضل الوارد في الحديث: فظاهر الحديث أنه لمن زرع، أو غرس، حتى لو لم يكن مالكا بأن انتقل ملك الزرع، أو الغرس إلى مالك آخر، قال الحافظ ابن حجر في كتابه -فتح الباري شرح صحيح البخاري: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ... وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ أَجْرَ ذَلِكَ يَسْتَمِرُّ مَا دَامَ الْغَرْسُ أَوِ الزَّرْعُ مَأْكُولًا مِنْهُ، وَلَوْ مَاتَ زَارِعُهُ، أَوْ غَارِسُهُ، وَلَوِ انْتَقَلَ مِلْكُهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَجْرَ يَحْصُلُ لِمُتَعَاطِي الزَّرْعِ، أَوِ الْغَرْسِ وَلَوْ كَانَ مِلْكُهُ لِغَيْرِهِ. انتهى.
وجاء في التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ للصنعاني، في سياق كلامه على الحديث الوارد في الغرس: والحاصل أنه مبالغة وحث على غرس الأشجار، وحفر الأنهار، لتبقى هذه الدار عامرة إلى آخر أمدها المحدود المعلوم عند خالقها، فكما غرس غيرك ما شبعت به، فاغرس لمن يجيء بعدك. انتهى.
ولكن من انتقل إليه ملك الزرع أو الغرس بشراء، أو غيره، وقام عليه حتى استمر الانتفاع به فغير بعيد أن يقال إن له حظا من ذلك الأجر، لأنه لولا قيامه على ذلك الزرع لانقطع الانتفاع به، فعمله هو السبب في استمرار النفع المترتب عليه الأجر، فمقتضى فضل الله تعالى، وعظيم جوده، وسعة رحمته أن يكون شريكا في الأجر من غير أن ينقص ذلك من أجر الزارع والغارس الأصيلين.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني