السؤال
أنا شاب عمري 27 سنة، أعرف فتاة منذ الطفولة، وأعلم أنها بنت أصل، ومتدينة، وحيية، وأنوي الزواج بها ـ إن شاء الله ـ لتحصين نفسي، وامتثال أمر الرسول عليه الصلاة والسلام رغم أنني حديث التخرّج، وما زلت أكافح من أجل بناء حياتي، والمشكلة أن الفتاة طبيبة وتشترط أن لا أمنعها من العمل، وإكمال الدراسة، والخروج من البيت بغير تضييق أو منع مني، مع العلم أنها ملتزمة بالحجاب، ولكنها تضع بعض المساحيق -طلاء الأظافر- عند الخروج، فهل ما اشترطته الفتاة عليّ مشروع لها؟ وهل أقدم على الزواج بها؟ فأنا أرى أن إيجابياتها أكبر بكثير من سلبياتها، وأرغب بشدة في الزواج، والعودة إلى طريق الله عز وجل. وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالزواج من أمور الخير، وفيه كثير من مصالح الدنيا والآخرة، وسبق بيان جملة من هذه المصالح في الفتوى: 194929.
والمبادرة إليه مطلوبة ما أمكن، وقد أحسنت بمحاولتك السعي إليه؛ لإعفاف نفسك -نسأل الله تعالى أن يحقق لك ما تريد-.
ويجوز لزوجتك أن تشترط عليك من الشروط ما فيه مصلحة لها، ولا تتنافى مع مقتضى العقد مما هو مشروع لها، ويدخل في ذلك الشروط التي ذكرتها من اشتراطها العمل، أو الدراسة، أو الخروج من غير تضييق أو منع؛ فإنك تملك حق حبسها مقابل إنفاقك عليها، فإن ارتضيت التنازل عن هذا الحق؛ فذلك لك، ويجب عليك حينئذ الوفاء لها به، وانظر الفتوى: 1357.
وإذا تزوجتها وأرادت الخروج على وجه يخالف الشرع -كالخروج مع إظهار زينتها من المساحيق، ونحو ذلك، لم يجز لك السماح لها بالخروج -والحالة هذه-؛ وذلك لمنافاة خروجها مع حكم الشرع، ففي سنن الترمذي من حديث عمرو بن عوف المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم، إلا شرطًا حرّم حلالًا، أو أحلّ حرامًا.
قال ابن القيم: كل شرط لا يخالف حكم الله، ولا يناقض كتابه، وهو مما يجوز تركه وفعله بدون شرط؛ فهو لازم بالشرط. اهـ.
ويبقى الكلام عن أمر زواجك منها ابتداء، فنقول: إن كانت هذه الفتاة صالحة في الجملة؛ فلا بأس بزواجك بها، وخاصة إن كان قلبك متعلقًا بها، ففي الحديث الذي رواه ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح.
وما قد يكون فيها من تقصير؛ فهذا لا يسلم منه أحد، روى مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم.
ويمكن الاجتهاد في إصلاح ما فيها من زلل بالتعليم، والتربية على الإيمان، وبكونك زوجًا صالحًا قدوة لها في الخير.
والله أعلم.