السؤال
سؤالي هو: أنا متزوج منذ 5 شهور ولم أنعم بطعم الراحة وذلك لأسباب ومنها:
في الليلة الأولى أتى شخص غريب ليخبرني أن زوجتي ما زالت في الدورة الشهرية، ولا يجوز لي أن أمسها، غضبت من هذا الخبر لأنه غريب وكيف علم أن زوجتي عليها الدورة الشهرية، أخبرت أبي وأمي عن هذا الخبر فقالوا لي أنه أمر عادي.
لم يستخدموا المهر استخداماً صحيحاً من الناحية الإسلامية وذلك أنهم لم يعطوا المهر كاملاً للزوجة بل أعطوها مبلغاً بسيطاً والباقي أخذوه وتم توزيعه على الأهل والأقارب، هل هذا الشيء صحيح أم لا .
زيارة أهل الزوجة يومياً إلى منزل والدي الذي أسكن فيه أنا وزوجتي مع أهلي لزيارة ابنتهم، وذلك أفقدني صوابي لذلك قررت أن أسكن بعيداً عن أهلي وعن أهل الزوجة، ولكن والدي ووالد الزوجة قالوا لي إنهم سوف يأخذونها مني إن خرجت من المنزل أو سوف يبلغون الشرطة أنني خطفت ابنتهم، هل هذا يرضي الله ورسوله.
أم الزوجة تحب أن تتحدث عني في غيابي بسوء وعندما أجلس معهم يمدحوني لدرجة أنها في ليلة الدخلة أخبرت الأقارب والجيران أنني لا أعرف كيف أتصرف في الليلة الأولى، وكانوا يسخرون مني في تلك الليلة بغيابي، تريد أم الزوجة أن تعرف كل شيء عني لتخبر الجيران أو أقاربها أنها تعرف كل شيء عني وعن زوجتي، هل هذه المضايقات والتصرفات ترضي الله ورسوله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
1- فاعلم ان الغضب في غير انتهاك محارم الله تعالى خلق غير حميد وعاقبته سيئة، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني: قال: لا تغضب فردد مرار، قال: لا تغضب.
وعلى هذا.. فليس فيما ذكره الشخص الغريب موجب للغضب لأن هذا ربما علمه من زوجته أو إحدى قريباته ويشهد لهذا كلام أبويك، وعلى هذا كان عليك أن تحمل قوله على هذا المحمل لا على شيء آخر لأن ذلك من الظن لأخيك المسلم بأمر فيه سوء، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات:12].
2- فإن مهر المرأة ملك لها وليس لأحد من أقاربها فيه نصيب إلا ما تبرعت به لهم، قال الله تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا [النساء:4]، ووجه الدلالة إضافة الصداق إلى المرأة وحقها في إسقاط جزء منه عن الزوج إن كانت رشيدة، لكن إن وقع ذلك على سبيل العرف والعادة وبرضا من الزوجة فلا حرج، خاصة أن الأقارب يقومون في أغلب الأحوال بمساعدة قريبتهم في أحوال تجهيزها وقد يتكلفون أموالاً زائدة على ما أخذوه.
3- فإن تبادل الزيارات بين الزوج وأصهاره أمر مشروع بل يدل على الخلق الرفيع وموجب لتقوية أواصر المودة بين الطرفين وهذا أمر مطلوب شرعاً طلبا قوياً، خاصة إذا علمنا أن الشرع الحكيم جعل المصاهرة في معنى قريب من مستوى القرابة يدل لهذا ما نقله صاحب المغني عن الزهري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف عام حنين على كل عشرة عريفا، وإذا أراد إعطاءهم بدأ بقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما روي عن عمر رضي الله عنه، ويقدم الأقرب فالأقرب، ويقدم بني عبد العزى على بني عبد الدار لأن فيهم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن خديجة منهم حتى ينقضي قريش. انتهى.
وقد بلغ نبينا صلى الله عليه وسلم مبلغاً عظيماً في إجلال زوجاته وتقديره لهن حتى إنه أعتق قرابة إحداهن إكراماً لها.
وعلى هذا فمن الجدير بك أن تتقبل زيارة أهل زوجتك ولا تجعل ذلك أمراً يضايقك، بل عليك أن تتلقاهم بالترحاب والبشاشة ولك في ذلك أجر عند ربك، خاصة أن في هذا إرضاء لأبويك، وإياك أن يحملك الغضب على تصرفات قد تؤدي إلى إحداث خلافات بينك وبين أهلك وأصهارك في حال خروجك إلى بيت مستقل لا حاجة لك به أصلاً، نعم إن وجدت ضيقاً في البيت أو ما يؤدي إلى ارتكاب مخالفات شرعية كاختلاط زوجتك بإخوانك مثلاً، فلا مانع من أن تطلب من أبويك أن يسمحوا لك بالاستقلال عنهم على أن تظل أمور العائلة كما هي فإن وافقا فذلك المطلوب، وإن لم يوافقا فلك الذهاب وليس في ذلك عقوق لهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري.
4- فإذا كان ما نسب إلى هذه المرأة من الغيبة والتجسس صحيحاً فقد ارتكبت كبيرتين يجب عليها منهما التوبة والاستغفار، ففي شأن الغيبة يقول الحق سبحانه وتعالى: وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ [الحجرات:12]، وفي التجسس يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تحسسوا ولا تجسسوا. متفق عليه.
قال النووي عند شرحه لهذا الحديث: التحسس بالحاء الاستماع لحديث القوم، وبالجيم البحث عن العورات، وقيل بالجيم التفتيش عن بواطن الأمور. انتهى، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 6710.
والله أعلم.