السؤال
إن حدثت عندي شبهة في حكم من الأحكام، فهل يجب عليّ سؤال أهل العلم فيه، أم يكفيني العمل بالأحوط؟ فمثلًا كنت أعرف أن النظر في كتاب -وكذا كشوف حجز المرضى عند الطبيب-، لا يجوز، إلا بإذن صاحبه، ثم علمت أن حديث: "من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه، فإنما ينظر في النار" ضعيف، فالتبس عليّ الحكم في هذا الأمر، فهل يلزمني سؤال أهل العلم لمعرفة حكمه، أم يكفيني أن أحتاط، ولا أنظر في أيٍّ مما سبق، إلا بإذن صاحبه؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالاحتياط على كل حال حسن، وهو مما تبرأ به الذمّة، وإن لم يسأل الشخص عنه؛ لأنه ترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، ومن اتّقى الشبهات؛ فقد استبرأ لدِينه، وعرضه.
وأما المسألة المذكورة: فإن كان صاحب تلك الدفاتر يمنع من النظر فيها لفظًا، أو عرفًا؛ فلا يجوز النظر فيها.
وأما إن كان يأذن في ذلك، وعلم هذا من لفظه، أو من العرف، فلا يحرم النظر فيها -والحال هذه-، وانظر الفتوى: 410974.
قال ابن مفلح في الآداب: فَصْلٌ فِي نَظَرِ الرَّجُلِ فِي كِتَابِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، أَوْ رِضَاهُ. قَالَ الْخَلَّالُ: كَرَاهِيَةُ النَّظَرِ فِي كِتَابِ الرَّجُلِ إلَّا بِإِذْنِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَسْكَرٍ: كُنْت عِنْد أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَعِنْدَهُ الْهَيْثَمُ بْن خَارِجَةُ، فَذَهَبْت أَنْظُرُ فِي كِتَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَكَرِهَ أَبُو عَبْد اللَّهِ أَنْ أَنْظُرَ فِي كِتَابِهِ. وَاطَّلَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ فِي كِتَابِ أَبِي عَوَانَةَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مَرَّتَيْنِ.
ثم قال بعد كلام: وَذَكَرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ النَّظَرَ فِي كِتَابِ الْغَيْرِ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ، لَا يَحْرُمُ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَكَأَنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ». قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ سِرٌّ وَأَمَانَةٌ، يَكْرَهُ صَاحِبُهُ أَنْ يُطَّلَعَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَقِيلَ: هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ كِتَابٍ. انتهى.
والله أعلم.