السؤال
فضيلة الشيخ: أحسن الله إليكم.
هل محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فوق المخلوق يعني فوق كل مخلوق من العرش، والكعبة، والجنة، والصلاة، والإيمان؟ لأن هذه كلها مخلوقات.
أنا أحب الله ورسوله فوق كل ما أحب، وأقدم طاعة الله ورسوله على كل شيء، وما فعلت إلا باتباع الرسول، والحمد لله، لكن أحيانا ما أفهم جيدا، فأخاف أن أفهم فهما خطأ خوفا شديدا. مثل هذا السؤال، وأنا حب الخير شديدا.
جزاكم الله أحسن الجزاء، وبارك الله فيكم وأهليكم جميعا، ورزقكم الله جنات الفردوس بغير حساب، ولا عذاب.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على كل مسلم أن يحب النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من حبه لنفسه، وماله، وولده، والناس أجمعين، وأن يحبه أكثر من حبه لأي مخلوق آخر؛ سواء كان ملكا، أو غيره؛ كالعرش، والكعبة، وغير ذلك.
وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أكرم الخلق على الله -عز وجل-، وأحب الخلق إليه، فهو -صلوات الله عليه- أفضل المخلوقات طرا.
قال البهوتي في كشاف القناع: وما خلق اللَّهُ خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ نَبِيّنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْبَرَاهِينُ. وَأَمَّا نَفْسُ تُرَابِ تُرْبَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَيْسَ هُوَ أَفْضَلُ مِن الْكَعْبَةِ، بَلْ الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ. قَالَ فِي الْفُنُونِ: الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ الْحُجْرَةِ، فَأَمَّا وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، فَلَا وَاَللَّهِ، وَلَا الْعَرْشُ، وَحَمَلَتُهُ، وَالْجَنَّةُ؛ لِأَنَّ بِالْحُجْرَةِ جَسَدًا لَوْ وُزِنَ بِهِ لَرَجَحَ. انتهى.
وثبت في الصحيح من حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده، ووالده، والناس أجمعين. وقال الله تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ {التوبة:24}.
فدل على وجوب محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن محبته مقدمة على محبة جميع المخلوقات، وذلك لأن كل نفع وصل إلى العبد، فمن طريقه، وبواسطة بعثته الشريفة -صلى الله عليه وسلم-، وشرف، وكرم.
والله أعلم.