السؤال
أنا متزوجة مند 6 سنوات، لا أتفق فكريا مع زوجي. حاولت إصلاح هذه العلاقة بشتى الطرق بدون جدوى.
هل لا حرج علي في طلب الطلاق؟ فزوجي أناني ونرجسي الشخصية، دمرني ودمر نفسيتي، فأي مشكلة تحدث له من قبل نفسه، يجعلني أنا السبب. بالنسبة له: أنا زوجة ناشز. لا أعلم لماذا؟ لكن لا أخفيكم أنه يستفزني أحيانا بكلامه، فأصبر، وأحيانا أصرخ.
أصبحت أعاني من مرض بسبب هذه المشاكل حتى إني لم أعد أستطيع إعطاءه حقوقه الزوجية؛ لأني أصبحت أكره تلك العلاقة، وأن يلمسني أصبحت حتى أكره نفسي. ونحن الآن في بلاد المهجر، وابني يعاني من اضطراب التوحد، وحاجتي لبقائي في هذه البلد لأنهم يهتمون بهذه الفئة. قلت له: لنفترق سلميا، يقول لي: لن تبقي في هذه البلاد، وارجعي لبلدك من حيث أتيت. وفي بلدي عانى ابني من سوء المعاملة. كما أريد أن يكبر ابني في البلد الذي يقيم فيه أبوه.
أريد الطلاق؛ لأن شخصيتي دمرت، وأصبحت أبغضه. محتاجة لراحة نفسية لمساعدة ابني وتأطيره. أجدني فشلت في كل شيء، لا حل أمامي إلا أن نفترق، وأربي ابني بأريحية ونفس مطمئنة.
طلبت منه أن يتزوج؛ لأني وجدته يشاهد أفلاما إباحية بحجة أنني لا أعطيه حقه. لا أنكر أنه يحافظ على صلاته، وفيه بعض من الأخلاق الحميدة لكن شخصيته يصعب التعايش معها، لدرجة أنني أصبحت أفكر في الهروب وترك كل شيء، لكن أتذكر أن ابني يحتاجني، وأكابد من أجله.
سؤالي: هل يحق لي طلب الطلاق؟ وهل يحق له أن يطلب مني الرجوع لبلدي؛ لأنه يدعي أن بلاد المهجر غير مسلمين؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت عن زوجك جملة من الصفات الطيبة، ونسبت إليه في الوقت ذاته بعض الصفات والتصرفات السيئة، ولا شك أن في صلاحه خيرا لك وله.
ولذلك نوصيك بكثرة الدعاء له بأن يصلح الله حاله، ويهديه إلى صوابه، والله عز وجل قد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
واحرصي على بذل النصح له برفق ولين، أو انتداب من ترجين أن يستجيب لكلامه لينصحه، وليكن المدخل في هذه المناصحة ما يتصف به من الصفات الطيبة، وتذكيره بأهمية الصلاة في تهذيب السلوك، ومنع النفس عن الوقوع في المنكرات، كما قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}.
وينبغي تذكيره أيضا بما أمر الله به الأزواج من إحسان معاملة الزوجات، كما في قوله سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.
وليبين له ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من حسن معاملته أزواجه، وقد بينا طرفا من ذلك في الفتوى: 134877.
فإن انتفع بالنصح وصلح حاله وأحسن معاملتك، فالحمد لله. وإن استمر على ما هو عليه، وكنت متضررة بالبقاء في عصمته، فلك الحق في طلب الطلاق، فقد ذكر العلماء أن الضرر البين يسوغ للمرأة طلب الطلاق، وللفائدة راجعي الفتوى: 37112، ففيها بيان مسوغات طلب الطلاق.
وطلب الطلاق ليس بلازم، وقد لا يكون الأفضل، ولذلك ينبغي أن توازني بين مصلحة طلب الطلاق، ومصلحة الصبر عليه والبقاء في عصمته. وخاصة مع ما ذكرت من حاجتك للبقاء في البلد الذي أنت فيه، لحاجة ابنك للرعاية.
واعلمي أن إساءة زوجك واستفزازه لك، لا يسوغ لك منعه حقه في الفراش، فواجب على المرأة إجابة زوجها إذا دعاها لفراشه، ولا يحق لها الامتناع عنه إلا لعذر شرعي، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 162211.
وكرهك لزوجك ليس عذرا شرعيا يبيح لك منعه حقه في الفراش، فالامتناع والحالة هذه نوع من النشوز، فالواجب عليك التوبة.
وإذا حصلت الفرقة بطلاق أو خلع؛ وقدرت على البقاء في بلد المهجر؛ فليس من حقّ زوجك أن يلزمك بالرجوع إلى بلدك، ولا سلطان له عليك بعد بينونتك منه، لكن إذا كان بقاؤك في هذا البلد مرهوناً بإبقاء الزوج لك على إقامته في الوثائق الرسمية في هذا البلد؛ فلا يجب على الزوج أن يبقيك على إقامته، ومن حقّه الامتناع من ذلك.
وننبه إلى أن مجرد كون البلد من بلاد الكفر لا يوجب الهجرة منه، بل في حكم الهجرة تفصيل، سبق بيانه في الفتوى: 313228.
والله أعلم.