السؤال
هل يتأثر الصيام بسبب فتح صفحة غير مرغوب فيها؟ مثل شباك يحتوي على صور إباحية من دون علم أو قصد، وقد قمت بتغطية وجهي، وإغلاق الشباك، أو الإعلان، لكنني رأيت قسمًا من هذه الصور. بارك الله فيكم.
هل يتأثر الصيام بسبب فتح صفحة غير مرغوب فيها؟ مثل شباك يحتوي على صور إباحية من دون علم أو قصد، وقد قمت بتغطية وجهي، وإغلاق الشباك، أو الإعلان، لكنني رأيت قسمًا من هذه الصور. بارك الله فيكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دمت لم تقصد فتح تلك الصفحة، وغضضت بصرك مباشرة عند ظهور الصور؛ فلا مؤاخذة عليك -إن شاء الله-، ولا أثر لذلك على صومك؛ فإن الخطأ مرفوع عن هذ الأمة، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}.
قال ابن كثير: فإن الله قد وضع الحرج في الخطأ، ورفع إثمه، كما أرشد إليه في قوله آمرًا عباده أن يقولوا: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة:286]، وثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله: قد فعلت". وفي صحيح البخاري، عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب، فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ، فله أجر". وفي الحديث الآخر: "إن الله رفع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما يكرهون عليه". وقال ها هنا: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورًا رحيمًا}، أي: وإنما الإثم على من تعمد الباطل، كما قال تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}. اهـ.
قال ابن رجب: قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ، والنسيان)) فأما الخطأ والنسيان، فقد صرح القرآن بالتجاوز عنهما، قال الله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}، وقال: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم}. ثم قال: الخطأ: هو أن يقصد بفعله شيئًا، فيصادف فعله غير ما قصده، مثل: أن يقصد قتل كافر، فيصادف قتله مسلمًا. والنسيان: أن يكون ذاكرًا لشيء، فينساه عند الفعل، وكلاهما معفو عنه، بمعنى أنه لا إثم فيه. اهـ. من جامع العلوم والحكم.
وأما من تعمد النظر إلى الصور المحرمة: فإن ذلك ينقص من ثواب صومه، ولكنه لا يبطله عند عامة العلماء، جاء في كشاف القناع: (ويجب اجتناب كذب، وغيبة، ونميمة، وشتم) أي: سب (وفحش).
قال ابن الأثير: هو كل ما اشتد قبحه من الذنوب، والمعاصي (ونحوه كل وقت) لعموم الأدلة، ووجوب اجتناب ذلك (في رمضان، ومكان فاضل، آكد) لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «من لم يدع قول الزور، والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه، وشرابه» رواه البخاري. ومعناه: الزجر، والتحذير؛ ولأن الحسنات تتضاعف بالمكان، والزمان الفاضلين، وكذا السيئات.
(قال) الإمام (أحمد: ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه، ولا يماري) أي: يجادل (ويصون صومه، ولا يغتب أحدًا، ولا يعمل عملًا يجرح به صومه)، وكان السلف إذا صاموا، جلسوا في المساجد، وقالوا: نحفظ صومنا، ولا نغتاب أحدًا.
(فيجب كف لسانه عما يحرم) كالكذب، والغيبة، ونحوهما، (ويسن) كفّه (عما يكره) قلت: وعن المباح أيضًا؛ لحديث: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».
(ولا يفطر بغيبة، ونحوها)، قال أحمد: لو كانت الغيبة تفطر، ما كان لنا صوم. وذكره الموفق إجماعًا. ذكر الشيخ تقي الدين وجهًا يفطر بغيبة، ونميمة، ونحوهما، قال في الفروع: فيتوجه منه احتمال يفطر بكل محرم، وقال أنس: "إذا اغتاب الصائم، أفطر"، وعن إبراهيم قال: "كانوا يقولون: الكذب يفطر الصائم". وعن الأوزاعي: من شاتم، فسد صومه؛ لظاهر النهي.
وذكر بعض أصحابنا رواية يفطر بسماع الغيبة. وقال المجد: النهي عنه؛ ليسلم من نقص الأجر.
قال في الفروع: ومراده: أنه قد يكثر، فيزيد على أجر الصوم، وقد يقل، وقد يتساويان.
وأسقط أبو الفرج ثوابه بالغيبة، ونحوها، ومراده ما سبق، وإلا فضعيف. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني