السؤال
أنا متزوجة منذ تسع سنوات من رجل أحبه، ولا يوجد فيه عيب. إلا أنه يداوم على السهر يوما أو يومين أسبوعيا في الديسكو تيك، ويشرب الخمر.
لا أنكر أنني كنت أجاريه في أوائل حياتنا؛ لأني أريد أن أكون بقربه دائما حتى لا يتركني، مع نصيحتي له دائما بالابتعاد عن الشرب، ولكن في كل مرة كان يرفض ولا ينتبه.
أصبحت الآن غير قادرة على الاستمرار في رؤيته يشرب، حتى إنني أرفض مجامعته وهو شارب. أنا أحبه وأخاف عليه كثيرا من غضب ربنا عليه وعلينا.
هل أنا مذنبة في رفضي معاشرته وهو شارب، ويعلم الله أني لا أستطيع حتى شم رائحته غصبا عني. وهل يحق لي تهديده بالانفصال؟
وهل يمكن أن أقول له: (حد الله بيني وبينك لو شربت، أو سأكون محرمة عليك)؟
أرجوكم أفيدوني؛ فإني أتعذب، وأخاف الله كثيرا. وأدعو له بالهداية في كل صلاة.
معلومة: حاولت مرات كثيرة تدخل أقارب له لنصحه، وهو لا يريد الكلام في الموضوع نهائيا، ويحاول أن يختلق لي أي خطأ كي يغطي على الموضوع الأساسي.
بارك الله فيكم، ووفقكم لما يرضاه.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك يشرب الخمر؛ فهو على خطر عظيم، فالخمر أمّ الخبائث، وشربها من أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله. وامتناعك من معاشرته بسبب شربه الخمر؛ إن كان بسبب تأذيك من رائحته؛ فلا حرج عليك في ذلك.
فقد جاء في فتاوى ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-: وَسُئِلَ عَمَّا إذَا امْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ من تَمْكِينِ الزَّوْجِ لِتَشَعُّثِهِ، وَكَثْرَةِ أَوْسَاخِهِ. هل تَكُونُ نَاشِزَةً؟
فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لَا تَكُونُ نَاشِزَةٌ بِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ كُلُّ ما تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ على إزَالَتِهِ أَخْذًا مِمَّا في الْبَيَانِ عن النَّصِّ، أَنَّ كُلَّ ما يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ يَجِبُ على الزَّوْجِ إزَالَتُهُ. انتهى من الفتاوى الفقهية الكبرى.
وأمّا إذا كان امتناعك من معاشرته زجرًا له عن هذه المنكر؛ فأكثر أهل العلم على عدم جواز ذلك، وبعض أهل العلم يرى جوازه، ولا سيما إذا ظنّت إفادته، وراجعي الفتويين: 378637 ، 117355.
وتهديدك لزوجك بمفارقته إذا لم يترك شرب الخمر؛ جائز، وأمّا تعليق تحريمه على شربه الخمر، فلا ينبغي، وإذا تلفظت به ثم شرب الخمر؛ فلا يقع به ظهار أو تحريم، لكن تلزمك كفارة يمين، على القول الراجح عندنا، وراجعي الفتوى: 157899.
ونصيحتنا لك أن تجتهدي في استصلاح زوجك، وإعانته على التوبة إلى الله تعالى، فإن تاب توبة صادقة، فعاشريه بالمعروف، وتعاوني معه على طاعة الله، أمّا إذا لم يتب من شرب الخمر، فالأولى حينئذ مفارقته بطلاق أو خلع.
قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: إذا ترك الزوج حق الله، فالمرأة في ذلك كالزوج، فتتخلص منه بالخلع ونحوه. وقال: ونقل المروذي فيمن يسكر زوج أخته، يحولّها إليه. وعنه أيضا أيفرق بينهما؟ قال: الله المستعان. انتهى.
والله أعلم.