السؤال
جزاكم الله خيرا على جهودكم، وبارك الله في ما تقدمون.
بعد زواج 32 سنة، وقبل خمس سنوات، كثر الشقاق بيني وبين زوجتي لأسباب متعددة. وطلبت أن أطلقها؛ فقمت بطلاقها طلقة واحدة، وسافرت لعدة أيام. وبعد أن عدت لم أجدها في المنزل، وأبلغني الأبناء أنها استأجرت شقة، وأخذت الابن الأصغر برضاه وعمره 13 عاما، وجزءا من ملابسها الشخصية.
من تصرفها هذا تبين لي أنها لا تنوي العودة للمنزل وتسعى للفراق.
في هذه الحالة ما هو الواجب علي، وماهي حقوقها الشرعية؟
- بقي لها في المنزل بعض الملابس.
- مصاغ وذهب وإكسسورات اشتريتها لها في عدد من المناسبات.
أشكركم وأقدركم، والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تعلم أن حصول المشاكل في الحياة الزوجية أمر عادي، ولكن الشأن كل الشأن في أن يعمل الزوجان العقل والحكمة، ومراعاة الشرع في حلها، وقد جاء الشرع بعلاج لنشوز الزوج إذا نشز، وكذا بالنسبة لنشوز الزوجة، فيمكن مطالعة الفتويين: 48969، 1103.
والطلاق ليس بأول الحلول، وليس بالحل الوحيد للمشاكل الزوجية، بل الطلاق لا ينبغي المصير إليه حتى تكون الحاجة داعية إليه، وقد ذكر أهل العلم أنه يكره لغير حاجة، ومنهم من اختار القول بتحريمه.
قال ابن قدامة في المغني، وهو يبين أنواع الطلاق من جهة أحكامه: الطلاق على خمسة أضرب.....
ومكروه وهو الطلاق من غير حاجة إليه. وقال القاضي: فيه روايتان: إحداهما أنه محرم؛ لأنه ضرر بنفسه وزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه، فكان حراما كإتلاف المال، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. اهـ.
وهذه الطلقة التي أوقعتها على زوجتك إن لم تكن الثالثة فهي طلقة رجعية، والمطلقة الرجعية يجب عليها أن تعتد في بيت الزوجية، فإن خرجت قبل تمام عدتها فهي آثمة، وتراجع الفتوى: 25969.
وهي تعتبر ناشزا بخروجها من البيت بغير إذنك؛ لأن الرجعية في حكم الزوجة، فلا يجوز لها الخروج بغير إذن زوجها، كما هو مبين في الفتوى: 162065.
ونشوزها يسقط عنك نفقتها؛ إلا أن تكون حاملا فلا تسقط النفقة، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 241105، ومنها تعلم أن لها حقوقها الأخرى من المهر ونحوه، وكذلك لها بقية ملابسها.
وأما المصاغ والذهب الإكسسوارات فما كان منها من المهر فلها حكمه، وإن كنت وهبتها لها وحازتها، فقد أصبحت ملكا لها، وإن كنت أعطيتها لها على سبيل العارية فهي ملك لك، وتراجع الفتوى: 97326.
بقي أن نبين أن الصلح خير، فينبغي السعي فيه، وأن تكون الرجعة ما أمكن ذلك، فقد دامت العشرة بينكما سنوات عديدة، ورزقتما الأولاد، وقد قال الله سبحانه: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237}.
ومن السهل ترتيب أمر الحياة الزوجية ووضعها في مسارها الصحيح إن وجدت الإرادة الصادقة، وذلك بأن يكون القيام بالحقوق بينكما على أكمل وجه مع الاحترام المتبادل، ولمعرفة الحقوق الزوجية نرجو مراجعة الفتوى: 27662.
والله أعلم.