السؤال
تزوجت قبل سبعة أشهر، وأنا أعمل بدولة عربية، ومغترب عن زوجتي، وكثيرًا ما كانت تحدث بيننا مواقف ومشاكل في هذه الفترة القصيرة، وكنت إن أخطأت بحقي أسامحها، وأنصحها، ولكن وصل الأمر إلى أنها تهدد بطلب الطلاق لأتفه الأسباب، ويعلم الله أني لم أقصر في حق من حقوقها، وتتلفظ بهذه الألفاظ ربما بسبب خلاف في رأي سياسي كمثال، وقد أصبحت لا أحتمل أسلوب التهديد هذا، ولم يعد في قلبي مجال للمسامحة، وقد هجرت الكلام معها منذ ثلاثة أيام، حتى تدرك خطأها، وتعتذر عنه، ولكنها لم تبال.
والمشكلة أن والدها يفكر بنفس طريقتها، ويلمّح لي بمثل هذا الكلام، وزوجتي حامل الآن في شهرها الثالث، ولا أعلم هل أطلقها أم ماذا أفعل في ظل نشوزها، واللامبالاة التي أصبحت عليها! حتى إن عملي الذي يجبرني أن أكون مغترباً لأكثر من ستة أشهر متواصلة، كانت تعلم به قبل خطبتنا، ووافقت أن تتزوجني وأنا مغترب. لا أعلم ماذا أفعل معها، فقد عنفتها بالكلام، وهجرتها في كثير من هذه المواقف، ولم تتغير!! وشكرًا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم مقاصد الشرع من الزواج أن تكون الأسرة مستقرة، ويجد كل من الزوجين فيها السكن، ويعيشان في سعادة، قال الله سبحانه: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.
وهذا ما ينبغي أن تعملا كزوجين من أجله، فيسود بينكما الاحترام، ويعرف كل منكما للآخر حقه عليه، ويقوم به على أكمل وجه، خاصة وأنكما في بداية الحياة الزوجية، ووجود هذا الولد الذي هو جنين في بطن أمه، جعله الله لكما نسمة مباركة. ولمعرفة الحقوق بين الزوجين يمكن مطالعة الفتوى: 27662.
وإذا كان سبب هذه المشاكل ما بينك وبين زوجتك خلاف في بعض الأمور السياسية، فنحسب أن الأمر هين، فيمكنكما أن تجتنبا الحوار حولها أصلاً، أو أن يحترم كل منكما رأي الآخر خلال النقاش، فيسود أدب الخلاف، ولا يهدم كيان الحياة الزوجية لأجل أمر لا يسمن ولا يغني من جوع، وقد يكون الكلام فيه أحيانًا مضيعة للوقت.
وليس من حق زوجتك تهديدك بطلب الطلاق، ولا يجوز لها طلب الطلاق لمجرد هذه المشكلة، فقد جاءت السنة بنهي المرأة عن طلب الطلاق من زوجها لغير مسوغ شرعي، ولمعرفة هذه المسوغات انظر الفتوى: 37112. وإن أصرت زوجتك على طلب الطلاق لغير سبب مشروع، فهذا نشوز منها، وكيفية علاج النشوز بيناها في الفتوى: 1103.
وإذا اقتضى الأمر أن تستعين ببعض العقلاء ليتفاهموا معها ومع أبيها، ويبذلوا لهما النصح، ويذكروهما بالله فافعل، فإن صلح الحال واستقامت فالحمد لله، وإلا فقد يكون الطلاق أفضل أحيانًا، فانظر في الأمر.
قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة، مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
وإذا رأيت تطليقها، فمن حقك أن تطلب منها عوضاً مقابل ذلك؛ كما ذكر أهل العلم، كما سبق لنا بيانه في الفتوى: 352879.
والله أعلم.