السؤال
إذا كان الحديث ضعيفاً. فهل يصح العمل بما فيه، أم يعتبر بدعة؟ مثلاً: دعاء دخول المنزل (إذا ولج الرجل بيته، فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج، وخير المخرج، باسم الله ولجنا، وباسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا، ثم ليسلم على أهله). ضعفه الشيخ الألباني. فهل ملازمة هذا الذكر دوماً يعتبر بدعة، وصاحبه آثم؟ وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال جائز، وليس بدعة، قال النووي -رحمه الله- في كتاب الأذكار: قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: يجوز، ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف، ما لم يكن موضوعاً. انتهى.
وقد اشترط أهل العلم للعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال شروطاً، منها: ألا يكون موضوعاً، وأن يكون مندرجاً تحت أصل كلي في الشريعة، جاء في شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد: وشرط جواز العمل به: أن لا يشتد ضعفه، بأن لا يخلو طريق من طرقه من كذاب أو مهتم بالكذب، وأن يكون داخلاً تحت: أصل كلي، كما إذا ورد حديث ضعيف بصلاة ركعتين بعد الزوال مثلاً، فإنه يعمل به لدخوله تحت أصل كلي؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة خير موضوع، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر". رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة، أي خير شيء وضعه الله تعالى. انتهى.
والعمل بالحديث الضعيف في مثل هذه الأحوال، لا يكون داخلاً في البدعة المنهي عنها، قال الطوفي في التعيين في شرح الأربعين: فإن قيل: العبادات ونحوها من فضائل الأعمال، إِنما يُتَلقَّى عن الشرع، فإذا وقعت اعتماداً على الحديث الضعيف، كان ذلك اختراعَ عبادةِ، وشرعًا في الدين ما لم يأذن به الله عزَّ وجلَّ، وهو مذموم شرعًا.
قلنا: ليس هذا من باب اختراع العبادات، وشرع ما لم يأذن به الله عزَّ وجلَّ، بل هو من باب ابتغاء فضل الله تعالى بضعف الأمارات. ثم إن إجماع العلماء على جواز العمل به، يدفع هذا السؤال، لأنَّ إجماعهم أقوى منه. انتهى.
وعليه؛ فالذي نراه -والله أعلم- أنّ العمل بمثل الحديث المذكور جائز، وإن كان بعض أهل العلم ضعفه.
فالدعوات، والأذكار من فضائل الأعمال التي يعمل فيها بالحديث الضعيف، بالشروط السابق ذكرها، وهذا ظاهر في صنيع كثير من أهل العلم المتقدمين، فقد جاء في علل الحديث لابن أبي حاتم: قلت: فحديث إسماعيل بن مسلم يزيد فيه: «الرجس النجس ... » قال: وإسماعيل ضعيف، فأرى أن يقال: «الرجس النجس، الخبيث المخبث، الشيطان الرجيم»؛ فإنّ هذا دعاء. انتهى.
وفي صحيح ابن خزيمة: باب ذكر الدعاء على الموقف عشية عرفة إن ثبت الخبر، ولا أخال، إلا أنه ليس في الخبر حكم، وإنما هو دعاء. انتهى.
وفي شعب الإيمان للبيهقي: قال أحمد: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الختم حديث منقطع بإسناد ضعيف، وقد تساهل أهل الحديث في قبول ما ورد من الدعوات، وفضائل الأعمال، متى ما لم تكن من رواية من يعرف بوضع الحديث، أو الكذب في الرواية. انتهى.
وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فإذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديراً وتحديدًا، مثل صلاة في وقت معين، بقراءة معينة، أو على صفة معينة، لم يجز ذلك؛ لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي، بخلاف ما لو روي فيه من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله كان له كذا وكذا، فإن ذكر الله في السوق مستحب، لما فيه من ذكر الله بين الغافلين. انتهى.
والله أعلم.