السؤال
سؤالي عبارة عن عدة نقاط، في هذا الموضوع: (لماذا العلماء في كتب الحديث يشرحون الأحاديث الضعيفة في جميع كتب الحديث، وهم يعرفون أنها ضعيفة، كحديث: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)؟
فسؤالي الأول: الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقًا، وهذا ما آخذ به، فلماذا العلماء يشرحونه؟ هل ليستفيد طالب العلم من شرح الحديث نفسه؛ لأنه توجد فيه آيات وأحاديث أخرى، وما إلى ذلك؟ وما واجبنا نحو شرح الحديث؟ وهل الأفضل حفظ هذه الأحاديث الضعيفة؟ وهل يجوز لنا -نحن طلاب العلم- أن نستشهد بحديث ضعيف ونشرحه، ونقول للناس: إن هذا حديث ضعيف، ولكن معناه صحيح؟ وهذا شأن أحاديث كثيرة ضعيفة، لكن معناها صحيح، فربما يقولون لنا: إذا كان حديثًا ضعيفًا، فكيف تحتجون به؟ ومعلوم أن الحديث الضعيف لا يحتج به، وهل هذا يعدّ من الكذب على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟ فأنا أجد كثيرًا من العلماء يحتجون بحديث، ويقولون: إن فيه ضعفًا، وقد يكون ضعفه بعض العلماء، ومع هذا يشرحونه، ويحتجون به، أو يقولون: إن معناه صحيح.
وسؤالي الثالث: معظم الأحاديث التي ليست في البخاري ومسلم صححها بعض العلماء، وضعفها بعض العلماء، وإذا أخذت بتضعيف الأحاديث لم يسلم لي إلا أحاديث صحيحة قليلة، وأنا طالب علم لا أريد الاختصاص بالحديث، وأنتم قلتم: يقلد من يراه أكثر دينًا وعلمًا، وأنا في كثير من الأحاديث يكون العلماء عندي متساوين في العلم والدِّين؛ لذلك لا أطلع على هذا، وإنما آتي بالكتاب وأتبع تحقيقه؛ لأن الكتب كلها محققة في هذا الزمن -ولله الحمد- فما كان تحقيقه صحيحًا آخذ به، وما كان ضعيفًا أتركه، سواء صحح الحديث بعينه في الكتاب ابن حجر، أو الألباني، أو شيخ الإسلام، أو غيره، ولا أستطيع في كل حديث أن أبحث عمن صححه ومن ضعفه، وأضيع وقتي، وإنما كغيري أتبع تحقيق الكتب، فهل هذا كافٍ؟
وأنا دائمًا أقلّد الألباني؛ لأني أثق في علمه ودِينه، ولأن تحقيقاته كثيرة على كتب أهل العلم، وهو فحل من فحول الحديث، وكثير من الكتاب الآن يعتمدون في تحقيق الكتب على تحقيق الألباني، فأنا أقلّده إلا إذا رأيت فعلًا أن ما صححه يغلب عليه التضعيف القوي في المستقبل، وأرجحه على العلماء المتأخرين الآخرين، كابن حجر، والحاكم، والسيوطي، والذهبي والهيثمي، وشيخ الإسلام، وغيرهم؟ وهل أدعو وأعلم الناس الأحاديث التي أراها صحيحة؟