السؤال
هل سب بني هاشم كفر؟ كأن يقول شخص: الهواشم أنجاس، أو الأشراف فيهم كذا وكذا، والنبي صلى الله عليه وسلم من الهواشم، فيعتبر داخلا في السب!
وهل تفضيل قبيلة على قريش كفر؟ لأن فيه تكذيبا للأحاديث، كحديث الاصطفاء، والحديث الذي في معناه أن الله خير القبائل، فوضعني في خير قبيلة؟
وأيضا لماذا نرى حقوق أهل البيت في هذا الزمان تكاد تكون شبه معدومة، ونراهم يُعاملون كغيرهم. أليس من عقيدة أهل السنة تقدير أهل البيت وموالاتهم؟ أم هو مجرد كلام، وهراء لا معنى له، ولا تطبيق له في الواقع؟ لدرجة أن بعضهم وصل إلى درجة أنه إذا رأى من يتكلم عن أهل البيت، يصفه بأنه شيعي !!!!
ونجد بعضهم يسب أهل البيت، ويظنها قربة إلى الله، ليخالف الشيعة. ألسنا أحق بآل البيت من الروافض؟
نريد كلمة -حفظكم الله- عن سكوت العلماء عن عقيدة من عقائد أهل السنة، وعدم توعية العامة لذلك. ولماذا هذا التقصير والجفاء مع الرسول عليه الصلاة والسلام!!! لأننا نادرا ما نرى عالما، أو شيخا يتحدث عن حقوق أهل البيت، فلذلك اللوم عليهم، وليس على العامة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأقرب أن سب بني هاشم بمجرده ليس كفرا، ما دام الساب لم يقصد دخول النبي صلى الله عليه وسلم في عموم لفظه -خلافا لإطلاق بعض العلماء أن شتم بني هاشم شتم للنبي صلى الله عليه وسلم-، لكن يعزر الساب، ويؤدب على قبيح ما تفوه به.
جاء في الدر المختار: وظاهر الشفاء أن قوله لهاشمي: لعن الله بني هاشم، كذلك. اهـ.
قال ابن عابدين في حاشيته: أي يكون شاتما للنبي. اهـ.
وقال القاضي عياض: وحكي عن أبي محمد بن أبي زيد -رحمه الله- فيمن قال: لعن الله العرب، ولعن الله بني إسرائيل، ولعن الله بني آدم، وذكر أنه لم يرد الأنبياء، وإنما أردت الظالمين منهم، أن عليه الأدب بقدر اجتهاد السلطان. وكذلك أفتى فيمن قال: لعن الله من حرم المسكر، وقال لم أعلم من حرمه. وفيمن لعن حديث: لا يبع حاضر لباد، ولعن ما جاء به، أنه إن كان يعذر بالجهل وعدم معرفة السنن، فعليه الأدب الوجيع، وذلك أن هذا لم يقصد بظاهر حاله سب الله، ولا سب رسوله، وإنما لعن من حرمه من الناس على نحو فتوى سحنون وأصحابه في المسألة المتقدمة، ومثل هذا ما يجري في كلام سفهاء الناس من قوله بعضهم لبعض - يا ابن ألف خنزير، ويا ابن مائة كلب- وشبهه من هجر القول، ولا شك أنه يدخل في مثل هذا العدد من آبائه وأجداده، جماعة من الأنبياء، ولعل بعض هذا العدد منقطع إلى آدم عليه السلام، فيبلغني الزجر عنه، وتبيين ما جهل قائله منه، وشدة الأدب فيه، ولو علم أنه قصد سب من في آبائه من الأنبياء على علم لقتل.
وقد يضيق القول في نحو هذا لو قال لرجل هاشمي: لعن الله بنى هاشم، وقال: أردت الظالمين منهم، أو قال لرجل من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم قولا قبيحا في آبائه، أو من نسله، أو ولده على علم منه أنه من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تكن قرينة في المسألتين تقتضي تخصيص بعض آبائه، وإخراج النبي صلى الله عليه وسلم ممن سبه منهم، وقد رأيت لأبي موسى بن مناس فيمن قال لرجل: لعنك الله إلى آدم عليه السلام، أنه إن ثبت عليه ذلك، قتل. اهـ.
وقال الهيتمي: وظاهر كلامه أن من قال لهاشمي: لعن الله بني هاشم، وقال: أردت الظالمين منهم، أو قال لمن يعلم أنه من ذريته صلى الله عليه وسلم قولا قبيحا في آبائه أو من نسله، أو ولده لا يقبل تخصيصه بإرادة غير النبي صلى الله عليه سلم من غير قرينة، وهو محتمل لعموم لفظه، لكن الأقرب إلى قواعدنا قبوله مطلقا؛ لأن اللفظ بوضعه لا ينافي تلك الإرادة، لكن يبالغ في تعزيره .اهـ. من الإعلام بقواطع الإسلام.
ونعتذر عن النظر في بقية أسئلتك؛ لأننا بيّنّا في خانة إدخال الأسئلة أنه لا يسمح إلا بإرسال سؤال واحد فقط في المساحة المعدة لذلك، وأن الرسالة التي تحوي أكثر من سؤال سيتم الإجابة عن السؤال الأول منها، وإهمال بقية الأسئلة.
والله أعلم.