السؤال
هل يجوز وقت الصلاة أن يضع المصلي سيارته عند المنازل القريبة من المسجد، ويضيق عليهم وقت الحاجة للخروج في وقت الصلاة؟ ولو كان الشارع مزدحمًا أو خطرًا عليه وعلى غيره الوقوف، فهل يجوز له أن يضيق عليهم بحجة أنه لا تريد أن تفوته الصلاة؟ وهل تكون صلاته مقبولة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فيجوز إيقاف السيارة في الطرق العامة، لكن بطريقة لا يترتب عليها إلحاق أذى بالآخرين، أو إضرارٌ بهم، ولا شك أن إيقاف السيارة بطريقة تمنع المارة من المرور، أو تسبب لهم الأذى، أو تلحق بهم الضرر، لا شك أن هذا ليس من أخلاق المؤمنين، ولا يأذن بها الشرع، حتى ولو كان الوقوف بغرض إدراك الصلاة، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-:
تجد بعض الناس الآن يوقف السيارة في أي مكان، بالطول، أو بالعرض، ما يهتم، المكان ضيق، أو المكان واسع، ما يبالي، ليست هذه خصال المؤمن، المؤمن هو الذي يكون حي القلب، يشعر بشعور الناس، يحب للناس ما يحب لنفسه، كيف تأتي مثلًا وتوقف سيارتك في عرض الطريق، ولا تبالي بتضييق الطريق على الناس؟ أحيانًا يسدون الطريق، يقفون عند باب مسجد جامع ويكون الطريق ضيقًا، فإذا خرج الناس يوم الجمعة ضيقوا عليهم، وهذا غلط . اهـــ
وإذا ترتب على إيقاف السيارة بتلك الطريقة ضرر، فإن السائق يضمن، كما نص عليه الفقهاء، قال صاحب الزاد : وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ، فَعَثَرَ بِهِ إِنْسَانٌ، ضَمِنَ .. اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح الزاد: والسيارات الآن حكمها حكم الدابة، فإذا أوقفها في مكان واسع، وليس في طريق الناس، فعثر بها إنسان، فإنه لا ضمان على صاحب السيارة؛ لأنه لم يعتدِ، حيث إن العادة جرت بأن الناس يوقفون سيارتهم في الأمكنة الواسعة، ولا يعد هذا اعتداءً، فإن أوقفها في مكان واسع في مطرق الناس، فعليه الضمان؛ لأنه متعدٍّ، وإن أوقفها في طريق واسع في جانب الطريق، فلا ضمان عليه، لكن ما هي السعة؟
السعة أن يبقي مكانًا يمكن أن تمر به السيارات، فإذا ترك مكانًا يمكن أن تمر به السيارات، فهذا ليس بمعتدٍ، والعادة الآن جارية بذلك، لكن هل يجب أن نقول: لا بد أن يترك ممرًّا يستطيع أن ينفذ فيه المتقابلان؟
الظاهر: نعم، لا سيما في الطرقات النافذة، أما غير النافذة، فهي إلى أصحابها، لكن في الطرقات النافذة، ولا سيما الطويلة، فلا بدّ من ذلك .. اهــ .
وأما هل صلاة من أوقف سيارته بتلك الطريقة مقبولة ؟
فجوابه: أن صلاته صحيحة، لا يطالب بإعادتها.
وأما قبولها أم لا، فهذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ، حتى الذي لم يفعل فعله لا نعلم هل صلاته مقبولة أم لا.
ومن المهم ختامًا أن ننبه إلى مسألة مهمة، وهي: أن الخطأ الذي يرتكبه أهل الاستقامة الحريصون على الطاعة، لا يجوز استغلاله في التشويه، والتنفير منهم، كما يفعله بعضُ من لا خلاق لهم، إذا رأوا زلّة من الشخص المستقيم، طاروا بها، واستغلّوها في الطعن في أهل الدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ، إِلَّا الْحُدُودَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ.، وهذا مع التأكيد على تنبيههم، وتوجيههم.
والله تعالى أعلم.