السؤال
إذا أمذى الشخص وهو خارج البيت، وأصاب ملابسه بعض البلل (قطرة أو اثنتان) وتوضأ وصلى. هل تصح صلاته، علما أنه لم يستطع غسل ثيابه؟
أرجو الإجابة حسب المذهب الحنفي، مع ذكر المصادر، وعدم التطرق إلى مذهب آخر؛ لأنني أدرس المذهب.
وبارك الله في جهودكم.
وجزاكم كل خير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فبناء على طلب السائل, فإن الإجابة ـ إن شاء الله تعالى ـ ستكون طبقا لمذهب الحنفية, فنقول: إن المذي عند الأحناف ـ كغيرهم من أهل العلم ـ يعتبر نجسا.
جاء في بدائع الصنائع للكاساني الحنفي: وأما أنواع الأنجاس، فمنها ما ذكره الكرخي في مختصره: أن كل ما يخرج من بدن الإنسان، مما يجب بخروجه الوضوء، أو الغسل فهو نجس، من البول والغائط، والودي والمذي والمني، ودم الحيض والنفاس والاستحاضة، والدم السائل من الجرح والصديد والقيء ملء الفم؛ لأن الواجب بخروج ذلك مسمى بالتطهير، قال الله تعالى في آخر آية الوضوء: {ولكن يريد ليطهركم} [المائدة: 6] والطهارة لا تكون إلا عن نجاسة. اهـ.
والحنفية يقولون بالعفو عن يسير النجاسة إذا كانت مقدار الدرهم, فتصح الصلاة به حتى بالنسبة للقادر على إزالته.
قال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار: والأقرب أن غسل الدرهم وما دونه مستحب، مع العلم به، والقدرة على غسله، فتركه حينئذ خلاف الأولى، نعم الدرهم غسله آكد مما دونه، فتركه أشد كراهة، كما يستفاد من غير ما كتاب من مشاهير كتب المذهب. ففي المحيط: يكره أن يصلي ومعه قدر درهم، أو دونه من النجاسة، عالما به؛ لاختلاف الناس فيه. زاد في مختارات النوازل: قادرا على إزالته. انتهى.
والفرق بين يسير النجاسة وكثيرها بينه الكاساني في بدائع الصنائع بقوله: واختلفوا في الحد الفاصل بين القليل والكثير من النجاسة، قال إبراهيم النخعي: إذا بلغ مقدار الدرهم فهو كثير، وقال الشعبي: لا يمنع، حتى يكون أكثر من قدر الدرهم الكبير. وهو قول عامة العلماء، وهو الصحيح؛ لما روينا عن عمر -رضي الله عنه- أنه عد مقدار ظفر من النجاسة قليلا، حيث لم يجعله مانعا من جواز الصلاة، وظفره كان قريبا من كفنا، فعلم أن قدر الدرهم عفو. انتهى.
وبناء على ما سبق؛ فإن قطرة أواثنتين من المذي، تعتبر من يسير النجاسة عند الأحناف، ويسير النجاسة تصح عندهم الصلاة معه ولو مع القدرة على إزالته, وبالتالي فصلاة من صلى بذلك القدر من المذي صحيحة, ولوكان قادرا على غسل هذه النجاسة.
والله أعلم.