السؤال
أثابكم الله، يعاني صديقي من مشكلة مع زوجته، وقد سألني إن كان لدي حل لمشكلته، وهي:
هما زوجان أحسبهما والله حسيبهما على هدى وتقى وصلاح، ولكن زوجته تطلب منه الطلاق على كل صغيرة وكبيرة، بسببٍ أو بدون السبب، وقد طلبت منه الطلاق ما يقارب من 50 مرة منذ أن تزوجها من سنة تقريبًا. مع العلم بأنهما يحبان بعضهما، ولكنها لا تتحمل المسؤولية، ومزاجية الرأي، وأغلب حججها بأن طباعهما مختلفة، فهي هادئة، وهو عصبي بعض الأحيان، وهي لا تحب أن يسيّرها أحد، ولا تحب أن تعتذر عن أي خطأ بدر منها.
بناء على كلامه؛ هل يوجد حل لهذه المشكلة؟ وهل من نصيحة يتم توجيهها من حضراتكم إليهما؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا للمرأة: أن تتقي الله وتعاشر زوجها بالمعروف، وتكفّ عن سؤال الطلاق دون مسوّغ؛ فإنّ المرأة منهية عن ذلك شرعًا، فعن ثوبان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ". رواه أحمد.
ولا ريب أن المرأة مسؤولة عن بيت زوجها؛ ففي الحديث عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " ... والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها". متفق عليه.
فعليها أن تتحمّل المسؤولية، وتقوم بحقّ زوجها عليها، وتطيعه في المعروف، وتعلم أنّ ذلك من أسباب دخولها الجنّة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلت المرأة خمسها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها؛ دخلت من أيّ أبواب الجنة شاءت". رواه ابن حبان في صحيحه.
وإذا أخطأت المرأة في حقّ زوجها، فلتعتذر، ولتطلب منه الصفح، ولا تستنكف عن الاعتذار. وراجع الفتوى رقم: 124891.
ونصيحتنا للزوج: أن يعاشر الزوجة بالمعروف، ويتعامل معها بحكمة، فيضع الشدة والرفق في مواضعهما، مع مراعاة طبيعة المرأة التي وصفها لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "... وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ؛ إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا". متفق عليه.
وقال البخاري -رحمه الله- في صحيحه: "بَابُ المُدَارَاةِ مَعَ النِّسَاءِ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّمَا المَرْأَةُ كَالضِّلَعِ»".
قال المهلب: المداراة أصل الألفة واستمالة النفوس من أجل ما جبل الله عليه خلقه وطبعهم من اختلاف الأخلاق. شرح صحيح البخاري لابن بطال (7/ 294).
وقال المناوي: "أي: لاطفها، ولاينها، فبذلك تبلغ مرامك مِنْهَا من الِاسْتِمْتَاع وَحسن الْعشْرَة". التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 300).
ومن ذلك: أن يصبر عليها, ويتجاوز عن بعض الأخطاء, ويتغاضى عن الزلات والهفوات, ويوازن بين الجوانب المختلفة في صفاتها وأخلاقها؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً؛ إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ. صحيح مسلم. قال النووي -رحمه الله-: أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ، وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا, بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ، لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ أَوْ جَمِيلَةٌ أَوْ عَفِيفَةٌ أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ.
والله أعلم.