السؤال
بجوار منزلي مسجد صغير، أجد فيه الرجل، والرجلين، ولكن في أغلب الأوقات أصلي فيه وحدي؛ فصرت أصلي في مسجد كبير، على مسافة طويلة من منزلي، خوفاً من أن أفقد فضل الجماعة. وأخشى في نفس الوقت، أن أهجر هذا المسجد المجاور لي.
فبماذا تنصحوني؟
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك إلى صلاة الجماعة، ويثبتك عليها.
ثم إن أقلَّ الجماعة اثنان. جاء في كشاف القناع: (أقلها) أي الجماعة (اثنان) إمام ومأموم (فتنعقد) الجماعة (بهما). انتهى.
وقد اتفق العلماء على ذلك. جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن صلاة الجماعة تنعقد باثنين: إمام ومأموم. وذلك في غير الجمعة، والعيدين. انتهى.
فعلى هذا؛ إذا علمت، أو غلب على ظنك أنك تصلي وحدك في المسجد، لم يجز لك ذلك، بل وجب عليك أن تذهب لتصلي جماعة؛ إذ الجماعة واجبة على الرجال في أصح القولين؛ وانظر الفتوى رقم: 38639.
وقد نص بعض الشافعية -وهم يرون الجماعة فرض كفاية- على أن الصلاة جماعة -ولو في بيت- أفضل من الانفراد في المسجد.
قال الشربيني في مغني المحتاج: وقضية كلام الماوردي: أن قليل الجمع في المسجد، أفضل من كثيره في البيت، وهو كذلك، وإن نازع في ذلك الأذرعي بالقاعدة المشهورة، وهي أن المحافظة على الفضيلة المتعلقة بالعبادة، أولى من المحافظة على الفضيلة المتعلقة بمكانها؛ لأن أصل الجماعة وجد في الموضعين، وامتازت هذه بالمسجد. فمحل القاعدة المذكورة، ما لم تشاركها الأخرى، كأن يصلي في البيت جماعة، وفي المسجد منفردا. نعم، لو كان إذا ذهب إلى المسجد وترك أهل بيته لصلوا فرادى، أو لتهاونوا، أو بعضهم في الصلاة، أو لو صلى في بيته، لصلى جماعة، وإذا صلى في المسجد، صلى وحده، فصلاته في بيته أفضل. انتهى.
فإن كان الغالب أن يجيء من يصلي معك؛ فالأولى أن تصلي في المسجد القريب؛ لأن الجماعة لا تتم إلا بك.
جاء في الروض المربع: (والأفضل لغيرهم) أي غير أهل الثغر الصلاة (في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره) لأنه يحصل بذلك ثواب عمارة المسجد، وتحصيل الجماعة لمن يصلي فيه. انتهى.
ونوصيك بألا تقصر في دعوة جيران المسجد القريب، أن يحافظوا على صلاة الجماعة في المسجد، فحثهم على ذلك، وبين لهم فضلها، ولو بتوزيع بعض الكتيبات، أو الوريقات في فضائل الجماعة، ويمكن الاستفادة من مضمون الفتويين: 150541، 151661.
والله أعلم.