السؤال
في البداية أطلب منكم طلبًا، وأود أن يتم، وهو ألا يتم إحالتي إلى فتاوى سابقة؛ فلقد أحلتموني مسبقًا إلى ثلاث فتاوى سابقة ليس فيها إجابة سؤالي، ولعل أقرب فتوى وجدتها في موقعكم متعلقة بسؤالي هي الفتوى رقم: 129273، ولكني لا أسأل عن الحكم، لكني أسأل عن ما إذا كانت هذه المسألة تدخل فيها، والسؤال:1- ماذا إذا علم المتوضئ أن وضوءه سينتقض في وقت ما بعد ذلك؟ فمثلًا: إذا كان قبل صلاة الظهر ولم يتوضأ بعد، وعلم، أو غلب على ظنه أن وضوءه سينتقض قبل العصر بنوم، أو غيره، فهل إذا توضأ على هذا يأخذ حكم من نوى أن يصلي بوضوئه صلاة، وأن لا يصلي غيرها، كما بينتم الخلاف في الفتوى رقم: 129273، وهذا لأن النية تتبع العلم؟2- وإذا لم ينتقض وضوؤه، وجاء العصر، فهل له أن يصلي بوضوئه هذا العصر بغير خلاف بين أهل العلم؟الإشكال في المسألة الذي لم أفهمه هو أن الإنسان لا بد أن يتعرض لهذه المسألة، فالإنسان إذا توضأ لعصر اليوم مثلًا، فهو يعلم، أو يغلب على ظنه أنه سينتقض وضوؤه قبل مغرب الغد مثلًا، وهكذا -والله تعالى أعلم-.أطلب سرد أي خلاف -إن وجد- وآراء العلماء بأدلتها -ما أمكن-، وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن توضأ بنية استباحة الصلاة، أو بنية رفع الحدث فله أن يصلي ما شاء من الصلوات ما لم ينتقض وضوؤه، والمعتبر في إبطال الطهارة هو نفس انتقاض الوضوء، لا العلم أو غلبة الظن بأن الشخص سينقض وضوؤه، فلو توضأ شخص للظهر مثلًا ومن نيته أن ينام بعدها، ثم لم ينم، وبقيت طهارته بحيث لم ينقضها بناقض آخر، جاز له أن يصلي بوضوئه هذا العصر، وما شاء من الصلوات حتى تنتقض طهارته، وفي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، قِيلَ لَهُ فَأَنْتُمْ كَيْفَ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ نُحْدِثْ.
ولا نظن أن هذه المسألة مما يخالف فيه أحد من أهل العلم، وإذا كان الجمهور من العلماء، كما رأيت في الفتوى المذكور رقمها في السؤال على أن من توضأ بنية استباحة صلاة معينة جاز له أن يصلي ما شاء من الصلوات، فكيف إذا نوى استباحة الصلاة مطلقًا، أو رفع الحدث مطلقًا؟! هذا مما لا شك في كونه يصلي بوضوئه هذا ما شاء من الصلوات حتى ينتقض وضوؤه، ولا عبرة بما قد يغلب على ظنه من كونه قد ينقض طهارته في وقت معين، بل العبرة بانتقاض الطهارة في نفس الأمر، وهذا واضح جدًّا غير محتاج إلى كثير إيضاح.
والله أعلم.