السؤال
أعرف أن أناسا يرون الله مرة كل أسبوع، وأناسا يرون الله كل يوم، وأناسا يرون الله بكرة وعشيا، والذين يرون الله بكرة وعشيا هم في زيادة تامة من الجمال، لكن إذا كنت أرى الله بكرة وعشيا، فكيف أستطيع أن أصرف نظري عن الله عز وجل وأتجه إلى النعم الأخرى مثل الحور والقصور وغير ذلك، لأنه ليس هناك نعيم أعظم من رؤية الله عز وجل؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرزقنا وإياك لذة النظر إلى وجهه الكريم. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 197169.
ثم ننبهك أولا أن الحديث في أن بعض المؤمنين يرون ربهم غدوة وعشية لم يصح، وإن كان التفاوت في تكرار الرؤية بين المؤمنين مما يمكن أخذه من أدلة أخرى، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 213391.
وأما بخصوص كيفية استطاعة المؤمن أن يصبر على الاكتفاء من النظر إلى وجه الله بوقت دون وقت: فهذا من أمر الغيب الذي لا نعلمه، ولكن الذي نوقن به هو أن المؤمن لا يشقى في الجنة، فقد كُفي العبد المؤنة، فإنه لن يحزن في الجنة، ولن يشقى، فلن يجد الشعور بالحرمان من النظر إلى وجه الله بعض الوقت، أو سائر النعيم، فالجنة دار نعيم لا شقاء فيها، فلا يشعر المؤمن بالشقاء، ولا التعب، قال تعالى: لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ {الحجر:48}.
وقال تعالى: الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ {فاطر:35}.
ولذلك، أقلهم منزلة يرى أنه قد أُعطي ما لم يُعط أحد، ففي صحيح مسلم في حديث الشفاعة بعد ذكر من يخرج من النار فيقولون: ربنا، أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين....
وراجع الفتوى رقم: 47719.
فالذي نقطع به أن هذا الأمر ـ أعني الشعور بالحرمان والحزن ـ لا يجده المؤمن في الجنة، ونكل كيفية ذلك إلى الله، وينبغي أن يكون بحثنا في كيفية تحصيل هذا النعيم العظيم، فينبغي أن يكون اجتهاد العبد في العمل لتحصيل ذلك، فلا يكون قصارى همه البحث في تفاصيل الجنة، وإنما البحث في كيفية الوصول إليها، ولذلك لما سأل معاذ رضي الله عنه عن عمل يدخله الجنة ويبعده عن النار، قال: لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه...رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
والله أعلم.