السؤال
سؤالي: زوجتي تطلب الطلاق بدون سبب، مع العلم بأنني لا أبخل عليها، أو على الأولاد بأي شيء. ومستوانا المادي متوسط، وشكلي مقبول، وملتزم بالصلاة والحمد لله. وأعاملها بما يرضى الله، ولكن كانت هناك مشاكل بخصوص أنها تريد التحدث مع شيخ روحاني معين، في الهاتف، في أي وقت من اليوم سواء كان صباحا فجرا، أو غيره. وهي تقول إنها تشعر بالطمأنينة أثناء الحديث معه، وذلك بسبب وجود فترة من حياتها قام فيها أحد أقاربها، بعمل عمل، وسحر لها. فعن طريق هذا الشيخ، استطاعت التغلب على خوفها، وما كانت تراه، وقواها دينيا، وعودها على الصلاة بدون انقطاع، وهي تختم القرآن بشكل أسبوعي. وهي لم تكن تخبرني بأنها تتحدث معه. وعندما علمت، قمت بشتمها قبل أن أعرف أنه شيخ، وطلبت منها عدم التحدث معه بدون إذني، وأثناء وجودي فقط. استمرت الحياة، ولكنها اختلفت بيننا في كل شيء. ومنذ فترة قصيرة عن طريق الصدفة، علمت أنها ما زالت تكلم هذا الشيخ في أوقات متأخرة من الليل أثناء سفري، مع العلم أنها كانت تقول لي إنها نائمة، وحدث أنني عنفتها، وشتمتها، وحلفت يمينا عليها. وبعد ذلك بفترة، أبلغتني أنها لا تستطيع إكمال حياتها معي، بحجة أنها لن تستطيع إعطائي حقوقي بعد ذلك.
فأريد من حضراتكم أن تخبروني كيف أتصرف معها؟ وما هي حجتي عندما أعظها من القرآن، والسنة؟
وهل في حالة الاستمرار في طلب الطلاق، تصبح ناشزا، مع أنني أريد استمرار الحياة الزوجية، من أجل الأولاد فقط؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوجة أن تطلب من زوجها الطلاق لغير مسوغ شرعي، فقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالنهي عن ذلك، ونص أهل العلم على مجموعة من الأمور تسوغ للمرأة طلب الطلاق، ضمناها الفتوى رقم: 37112.
وإذا كرهت المرأة المقام مع زوجها، وخشيت أن تفرط في حقه، فلها الحق في مخالعته، مقابل عوض تدفعه إليه، كما فعلت امرأة ثابت بن قيس -رضي الله عنه وعنها، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 23180، ورقم: 73322.
ويجب على الزوجة طاعة زوجها في المعروف، للنصوص الآمرة لها بذلك، وهي موضحة في الفتوى رقم: 1780، فالواجب على زوجتك ترك محادثة هذا الرجل، فإن أصرت على المحادثة فهي امرأة ناشز، وكيفية علاج النشوز مبينة في الفتوى رقم: 1103.
ويمكن الاستفادة في وعظها من النصوص الواردة في الأمر بالطاعة، وهي في الفتوى المشار إليها آنفا، فبالإضافة إلى الأمر بالطاعة، وبيان فضلها، ففيها خطورة معصية الزوج، وذكرها بحق هؤلاء الأولاد في النشأة في أسرة مستقرة، وما يمكن أن يكون من أضرار عليهم إن تشتت شمل الأسرة.
قال الدكتور عدنان با حارث في كتابه "تربية الطفل المسلم": يتأثر الوالدان بالانفصال، حيث يخسر كل واحد منهما المميزات الطيبة التي كان يتمتع بها مع رفيقه. كما أنهما يستريحان من سوء تصرف أحدهما مع الآخر، ولكن الأطفال في العادة يخسرون أكثر من الآباء، إذ إن وجودهم بين الأب والأم له أهميته البالغة، والعميقة في نفوسهم، إذ لا يمكن أن ينشأ الولد نشأة معتدلة سوية بدون الأب والأم معاً. فلو فقد الابن أباه في سن السادسة، أو السابعة مثلاً، أثر ذلك عليه تأثيراً سيئاً، وربما ساقه هذا الحرمان إلى مصه أصابعه، وكثرة المشاغبات، والتبول اللاإرادي.
"وتدل الإحصاءات على أن تفكك الأسر-وبخاصة ما كان راجعاً إلى الطلاق- من أهم العوامل التي تؤدي إلى جنوح الأحداث، وهو مظهر متطرف من مظاهر سوء التكيف الاجتماعي…
وقد ترسم في ذهن الطفل الذي ينشأ في هذا البيت، صورة قبيحة مشوهة عن حياة الأسرة، وعن الدور الذي يلعبه كل من الرجل، والمرأة في المجتمع، كما أن الطلاق نفسه قد يشعر الطفل بشيء من الخزي والنقص، فهو يحس أنه غريب في مجتمع أغلب أسره متماسكة، حيث يعيش معظم الأولاد، والبنات مع آبائهم وأمهاتهم". اهـ.
والله أعلم.