الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجنة محض فضل الله لعباده المؤمنين

السؤال

أريد أن أسأل: لماذا يكون أجر المرأة التي صانت فرجها، وعفت نفسها في الدنيا، أن يتزوج عليها زوجها في الجنة بسبعين من الحور العين. ألا يعد هذا ظلما؟!
ولماذا لم يلغ الله الجنس في الجنة، كما ألغى التبول، والتبرز؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فكان ينبغي قبل التوجه إلينا بهذا السؤال، أن تسألي نفسك: من الذي جعل من نعيم الرجال أن يزوج أحدهم بسبعين من الحور العين؟

فإن علمت أن الله تعالى هو الذي فعل ذلك، لم يكن لهذا السؤال مكان، أي أنه في غير محله؛ لأن الله تعالى هو الرب، فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وهو العليم الحكيم، فلا يصدر عنه شيء إلا عن علم وحكمة، وراجعي للمزيد الفتوى رقم: 60808.

ومن المعلوم أن الظلم هو انتقاص المرء حقه، والجنة كلها فضل من الله سبحانه على عباده، فلو أنه عز وجل لم يعط عباده المؤمنين شيئا من النعيم، لم يكن ظالما لهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة، عن استحقاق العبد على ربه حيث يقول: وأما الاستحقاق فإن أهل السنة يقولون: إن العبد لا يستحق بنفسه على الله شيئا، ويقولون إنه تعالى لا بد أن يثيب المطيعين كما وعد، فإن الله لا يخلف وعده، وأما إيجاب ذلك على نفسه، وإمكان معرفة ذلك بالعقل، فهذا فيه نزاع، لكن لو قدر أنه عذب من يشاء، لم يكن لأحد منعه، كما قال تعالى: قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا. وهو تعالى لو ناقش من ناقشه من خلقه لعذبه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: من نوقش الحساب عذب. وقال: لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته.

ثم قال: والتحقيق أنه لو قدر أن الله عذب أحدا، فإنه لا يعذبه إلا بحق؛ لأنه يتعالى عن الظلم. اهـ.

ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 75647.

واعلمي أن أحوال الآخرة تختلف عن أحوال الدنيا، فلا تقاس عليها، وأحوال النساء في الجنة ليس كحالهن في الدنيا بأن يكون بينهن الغيرة، كما هو الحال بين الضرائر.
وفي الختام نقول لك: بدلا من التفكير في مثل هذا، والذي من الممكن أن يقود صاحبه إلى الحرمان من الجنة، ننصحك بصرف همتك إلى ما ينفعك من أمر دينك، ودنياك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني