السؤال
السؤال: ما حكم الصلاة المفروضة إذا ابتدأ المصلي تكبيرة الإحرام حال قيامه، وأتمها حال انحطاطه للركوع؟
حيث قرأت في بعض كتب الفقه أن القيام لتكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة، فإذا ابتدأ المصلي تكبيرة الإحرام حال قيامه، وأتمها حال انحطاطه للركوع، بطلت صلاته على هذا القول.
وقرأت أيضا في كتاب: الشرح الصغير للدردير -ج1- فصل في بيان فرائض الصلاة ما يلي:
وتكبيرة الإحرام، وإنما يجزئ " الله أكبر" . والقيام لها في الفرض؛ إلا لمسبوق كبَّر منحطَّا، وفي الاعتداد بالركعة إن ابتدأها قائما تأويلان.
....واستثنى من مقدر تقديره " من كل مصل" قوله: (إلا لمسبوق" وجد الإمام راكعا (كبر منحطا) أي حال انحطاطه للركوع، وأدرك الركعة بأن وضع يديه على ركبتيه قبل استقلال الإمام قائما، فالصلاة صحيحة، وسواء ابتدأها من قيام وأتمها حال الانحطاط، أو بعده بلا فصل طويل، أو ابتدأها حال الانحطاط كذلك.اهـ.
ومما يفهم من هذا القول أن القيام لتكبيرة الإحرام إن تركه المصلي في حال ما إذا كان مسبوقا، صحت صلاته.
فهل المسألة خلافية وما الراجح فيها والمرجوح؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة تكبير المسبوق للإحرام حال هويه لتدارك الركوع مع الإمام، من المسائل الخلافية، فمن الفقهاء من ذهب إلى بطلان الصلاة، ومنهم من يرى انعقادها نفلا لا فرضا، ومنهم من يرى صحتها فرضا.
قال المرداوي في الإنصاف: مِنْ شَرْطِ الْإِتْيَانِ بِقَوْلِ: اللَّهُ أَكْبَرُ ـ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ قَائِمًا، إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا وَكَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ، فَلَوْ أَتَى بِبَعْضِهِ رَاكِعًا، أَوْ أَتَى بِهِ كُلِّهِ رَاكِعًا، أَوْ كَبَّرَ قَاعِدًا، أَوْ أَتَمَّهُ قَائِمًا، لَمْ تَنْعَقِدْ فَرْضًا، وَتَنْعَقِدُ نَفْلًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: لَا تَنْعَقِدُ أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا تَنْعَقِدُ مِمَّنْ كَمَّلَهَا رَاكِعًا فَقَطْ. اهــ.
واختار الشيخ ابن عثيمين أنها لا تنعقد فرضا وتنعقد نفلا. فقال: إذا كبر تكبيرة الإحرام وهو راكع، صارت صلاته نفلاً لا فريضة، لأن بعض الناس مع السرعة يكبر وهو يهوي بالركوع، فهذا لا يصح في الفريضة. اهــ.
وفي المجموع للنووي: يجب أن يكبر للإحرام قائما حيث يجب القيام، وكذا المسبوق الذي يدرك الإمام راكعا، يجب أن تقع تكبيرة الإحرام بجميع حروفها في حال قيامه، فإن أتى بحرف منها في غير حال القيام لم تنعقد صلاته فرضا، بلا خلاف، وفي انعقادها نفلا الخلاف السابق ...
والقول بالصحة هو ما أشرت إليه في مذهب المالكية.
قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل في الفقه المالكي: القيام لتكبيرة الإحرام هل هو واجب مطلقا أو واجب في حق غير المسبوق؟ وأما القيام في حقه فلا يجب عليه، فإذا فعل بعض تكبيرة الإحرام في حال قيامه، وأتمه في حال انحطاطه، أو بعده من غير فصل بين أجزائه. فهل يعتد بتلك الركعة بناء على القول الثاني، أو لا يعتد بها بناء على القول الأول، وصلاته صحيحة على كل حال؟
وجاء في الشرح الصغير ممزوجا بمتن خليل: (إلا لمسبوق) وجد الإمام راكعا و(كبر منحطا) أي حال انحطاطه للركوع، وأدرك الركعة، بأن وضع يديه على ركبتيه قبل استقلال الإمام قائما، فالصلاة صحيحة، وسواء ابتدأها من قيام وأتمها حال الانحطاط، أو بعده بلا فصل طويل، أو ابتدأها حال الانحطاط كذلك. وهذا إذا نوى بها الإحرام، أو هو والركوع، أو لم يلاحظ شيئا منهما، أما إذا نوى به تكبيرة الركوع فقط، فلا يجزئ.
ولكن القول بالبطلان أحوط، وأبرأ للذمة.
وعليه؛ فليراع المصلي الإتيان بتكبيرة الإحرام كلها وهو قائم.
والله أعلم.