السؤال
أنا أعلم وأؤمن بأن التحريف لم يطل القرآن الكريم، وأنه لم يتم الزيادة والنقصان فيه، لكن أرجو توضيح هذا الأمر لي، اختلف العلماء هل البسملة آية من الفاتحة أم لا، فكيف نجمع بين هذين القولين؟ وهل البسملة في الفاتحة آية أم لا؟ والقرآن الكريم محفوظ من الزيادة والنقصان.
أفتوني - جزاكم الله خيرًا -.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلفت المصاحف في البسملة في الفاتحة فعدت آية في المصحف الكوفي والمكي, ولم تحسب آية في سواهما, كما قال علامة القراءات الشيخ عبد الفتاح القاضي في نظم عد الآي:
والكوفِ مع مكٍ يعد البسملة * سواهما أولى عليهم عد له
ومثل هذا الخلاف لا يعد تحريفًا للقرآن, وإنما هو مظهر من مظاهر تعدد الروايات القرآنية المتواترة التي قطع أهل العلم بصحة جميعها, وكانت موافقة لرسوم المصاحف التي كتبها الصحابة - رضي الله عنهم - فكم من حرف اختلفوا في ثبوته وحذفه وثبتت كتابته في بعض المصاحف كما ثبت حذفه في بعضها, كما في قوله عزّ وجلّ: "وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ" { الحديد: 24} هكذا في مصاحف مكّة والبصرة والكوفة، بإثبات "هو" وبه قرأ جميع السّبعة غير نافع وابن عامر فهذان قرءا على ما في مصاحف المدينة والشّام، وذلك بغير "هُوَ"، وكقوله: "وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا " { الشّمس: 15} و "فَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا "، وكقراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو "وَمَا يَخَادِعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ" {البقرة:9} " وقرأ غيرهم "وَمَا يَخْدَعُونَ" {البقرة:9} " بغير ألف، وفي سورة آل عمران قرأ حمزة والكسائي " سَيُغْلَبُونَ وَيُحْشَرُونَ {آل عمران:12}، " بالياء فيهما، وقرأ الباقون "سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ " بالتاء على المخاطبة، وفي سورة التوبة اختلفوا في " تَجْرِي تَحْتَهَا {التوبة:100}، " وهو الموضع الأخير فقرأ ابن كثير بزيادة كلمة "من" وخفض تاء "تحتها" وكذلك هي في المصاحف المكية وقرأ الباقون بحذف لفظ من وفتح التاء وكذلك هي في مصاحفهم, ومثل ذلك الواو في "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ" {آل عمران:133}، فقد قرأ نافع وابن عامر "سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ" بغير واو اتباعًا لمصاحفهم, وقرأ الباقون "وسارعوا" بالواو اتباعًا لمصاحفهم, والباب في هذا واسع, وراجع للمزيد في الموضوع النشر في القراءات العشر.
والله أعلم.