السؤال
والدتي توفيت-رحمها الله-منذ أربعين يوما، وكانت قد أجهضت مرتين لتعب أصابها، ولكن بتقرير منها وليس بتقرير من طبيب مختص. وبعلم وموافقة والدي غفر الله لهما بل ومرافقته لها إلى الطبيب، وإلى الآن لم نوزع التركة، ولما اطلعت على موقعكم -وفقكم الله- عزمت وارتحت لأمر الغرة ونريد أن ندفعها عن والدتنا رحمها الله، علما أن والدنا لم يقدر بالضبط كم كان عمر الجنين وقتها، وأغلب الظن -والله أعلم- أنه كان من شهر إلى شهر ونصف، أو من شهر ونصف إلى شهرين.
فكيف نفعل؟ وهل والدنا أيضا عليه غرة؟ وهل هي مشتركة بينهما عن كل جنين أم أن كل واحد منهما عليه غرتان ؟ ولمن ندفعها؟ من فضلكم وضحوا لنا بالتفصيل عن كل سؤال بارك الله فيكم ونفع بعلمكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان لوالدتك -رحمها الله- أن تقدم على إجهاض حملها إلا بعد ما يقرر الأطباء الثقات المؤتمنون أصحاب الخبرة أن الإبقاء على الجنين يشكل خطراً محققاً على حياتها، ففي هذه الحالة يجوز الإجهاض ارتكابا لأخف الضررين، أما قبل ذلك فلا يجوز الإقدام عليه، لما فيه من الإفساد وإهلاك النسل والاعتداء على خلق الله تعالى بغير حق شرعي، وما كان لوالدكم ولا للطبيب أن يساعداها على ذلك أو يقبلا به.
أما الآن وقد حصل ما حصل فإن جميع من شارك في الإجهاض من الأم والأب والطبيب آثمون –نسأل الله أن يعفو عنهم-، وعلى من باشر منهم الإجهاض دية الجنين، إذا كان ذلك قد حصل بعد أربعين يوما فما فوقها.
فإذا كانت المرأة هي التي باشرت الإجهاض بشرب دواء أو نحو ذلك فعليها الدية، وإن كان الذي باشر الإجهاض طبيب أو غيره فالدية عليه، وأما المرأة فعليها التوبة فقط.
قال ابن قدامة في المغني: ومتى اجتمع المباشر مع المتسبب كان الضمان على المباشر دون المتسبب.
والدية هي غرة، وقيمتها عشر دية الأم، إذا كان الإجهاض قد حصل بعد الأربعين -كما أشرنا- أما إذا كان ذلك قبل الأربعين فلا دية فيه، وانظر الفتوى رقم: 13171.
وتدفع الدية إلى ورثة الجنين ولا يرث من باشر الإجهاض شيئا منها، وإنما يرثها بقية ورثة الجنين. وانظر الفتويين: 36440، 35982، للفائدة.
والله أعلم.