السؤال
أنا حزين لأني لا أسكن مكة ولا أصلي في الحرم، وأقول في نفسي لو بقيت في بلدي أنشر الدعوة وأنصح الناس وأعلمهم كما فعل الصحابة حيث خرجوا من مكة والمدينة لنشر الدين لكان أفضل، ولكني مع ذلك لا زلت أشعر بالحزن والنقص. فقدموا لي نصيحة وأرشدوني ماذا أفعل حتى لا أبقى حزينا وأطمئن نفسيا ولا أشعر بالحسرة والألم والنقص. فساعدوني وأفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اشتغلت في بلدك أو غيره من بلاد المسلمين بنشر الدعوة وتعليم الناس ونصحهم، فنرجو أن يكون عملك هذا أعظم من أجر مقامك بالحرم، لما في ذلك من النفع المتعدي للمسلمين وهو أفضل من النفع القاصر على الشخص، كما قال أهل العلم.
قال ابن رجب: النفع المتعدي خير من النفع القاصر. انتهى.
فصحح نيتك في العمل وأخلص لله تعالى، فإن الدعوة إلى الله تعالى وتعليم الناس، من أجل العبادات وأفضلها، ولذلك اصطفى الله تعالى لهذا العمل من خلقه الأنبياء والرسل، وجعل أتباعهم ورثتهم، فقال عز وجل: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33]. وقال صلى الله عليه وسلم: نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمع، فرب مبلغ أوعى من سامع. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. ورواه ابن ماجه. وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية... رواه البخاري، وقد سبق لنا شرح هذا الحديث في الفتوى رقم: 21185.
مع التنبيه على أن المجاورة بمكة والمدينة إنما تكون مستحبة إذا لم يغلب على الظن الوقوع فيما هو مذموم شرعا كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 169073 .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم استحباب المجاورة في الحرمين الشريفين ، خوفا من التقصير في حرمتهما ، أو ارتكاب الخطايا والذنوب بهما، ومعلوم أن المعصية في الحرمين ليست كالمعصية في غيرهما من الأماكن , وقد سئل ابن عباس عن مقامه بغير مكة؟ فقال : ما لي ولبلد تضاعف فيه السيئات كما تضاعف الحسنات.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ....فذهب بعض الفقهاء ومنهم أبو حنيفة إلى أن المجاورة بمكة المكرمة والمدينة المنورة مكروهة. انتهى. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 104516.
الله أعلم.