السؤال
امرأة طلّقها زوجها ثمّ أرجعها بعد انتهاء العدّة، ثمّ طلّقها مرّة أخرى، ثمّ أرجعها، ثمّ طلّقها الثالثة، وبعد مضي مدّة على الطلاق الثالث مرض هذا الزوج، فاقترح عليها أن يرجعها إلى عصمته إداريا فقط أي في الأوراق الرسمية، وذلك لتقوم بتمريضه ولتتمكّن من الحصول على معاشه بعد وفاته بحكم أنّه ليس لها من ينفق عليها، وفعلا تمّ إنجاز عقد زواج رسمي بينهما، وهي تعيش معه منذ مدّة تقوم بتمريضه كأنّها امرأة غريبة عنه أي ليس بينه وبينها ما يكون بين الزوج وزوجته من المعاشرة، فهل يجوز لها الإبقاء على هذا الزواج الإداري ما دامت حريصة على معاملته كرجل غريب عنها؟ وإذا كان عليها إنهاء هذا العقد الإداري، فهل يجوز لها البقاء معه في البيت لتمريضه ما دام أولادهما البالغين يعيشون معهما في البيت، علما بأنّ هذه المرأة لا تملك مكانا آخر تعيش فيه فيما لو غادرت بيت هذا الزوج المفترض؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا على أن ارتجاع الزوجة إنما يصح إذا كانت باقية في عدتها، أما إذا انقضت عدتها فقد انقطعت العصمة بين الزوجين ولا يصح الارتجاع، قال تعالى: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا {البقرة: 228}.
وجاء في شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: وخرج بقوله في عدة من انقضت عدتها فإنها لا ترجع إليه إلا بعقد جديد. انتهى.
وعليه، فإن كان قولك ثمّ أرجعها بعد انتهاء العدّة تقصد منه مجرد الرجعة بلا عقد فقد علمت أن ذلك غير ممكن، وبالتالي فما حصل من طلقات بعدُ غير معتد به.
وأما إن كان القصد أن الزوج المذكور قد عقد عقدا شرعيا على زوجته بعد انتهاء عدتها ثم طلقها ثم أرجعها ثم طلقها الثالثة فقد بانت منه بينونة كبري ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ثم يطلقها بعد الدخول،
وفي خصوص اتفاق الزوج معها على عقد إداري فإن ذلك لا يبيح شيئا ولا يغير من الأمر شيئا، فلا يجوز لها تمريضه ولا الخلوة معه ولا مساكنته في منزل واحد إلا بالضوابط الشرعية المطلوبة لذلك من استقلالها بغرفة وحدها، لها مدخل ومخرج مختصان بها، مع وجود مرافق مستقلة من حمام ومطبخ مع غلق باب بينهما، فإن كان الباب غير مغلق جازت المساكنة إذا كان معها من أولادها بالغ أو مميز بحيث يستحيا منه عادة، جاء في الموسوعة الفقهية: وَأَمَّا الْبَائِنُ فَلاَ سُكْنَى لَهَا، وَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، فَلَوْ كَانَتْ دَارُ الْمُطَلِّقِ مُتَّسَعَةً لَهُمَا، وَأَمْكَنَهَا السُّكْنَى فِي غُرْفَةٍ مُنْفَرِدَةٍ، وَبَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ ـ أَيْ بِمَرَافِقِهَا ـ وَسَكَنَ الزَّوْجُ فِي الْبَاقِي جَازَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ وَوُجِدَ مَعَهَا مَحْرَمٌ تَتَحَفَّظُ بِهِ جَازَ، وَإِلاَّ لَمْ يَجُزْ. انتهى. وراجع المزيد في الفتوى رقم: 128948.
فما دام أولادهما البالغون يعيشون معهما في البيت فلا حرج من المساكنة والتمريض بما ذكر من الضوابط، ولا يجوز لتلك الزوجة الأخذ من معاش زوجها بعد موته، بل هو لورثته وهي ليست منهم لحصول البينونة بينهما، اللهم إلا إذا كان المعاش المذكور منحة من جهة العمل، فالواجب حينئذ صرفه لمن تحدده الجهة المانحة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 107986.
والله أعلم.