السؤال
نفي الحرم المكي في العشر الأخيرة من رمضان يصلون قبيل الفجر 13ركعة 3منها وتر و10 ركعات أخرى والسؤال: ماذا ينوون في هذه الركعات العشر؟ وهل يصلونها بنية التراويح؟ أم بنية قيام اليل؟ أم بنية التهجد؟ وهل هذه الصلوات التي يصلونها ـ 13ركعة ـ مسنونة؟ وهل لنا في مسجدنا أن نفعل ذلك من أول ليلة من ليالي شهر رمضان؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم ـ أولا ـ أن التهجد هو الصلاة في الليل بعد النوم، قاله النووي في شرح المهذب، فلا تعارض إذن بين نية قيام الليل ونية التهجد، فإن من صلى بالليل بعد نوم فهو متهجد وصلاته هذه من قيام الليل.
وأما الصلاة بعد التراويح في جماعة: فهي جائزة لا حرج فيها، فإن كانوا لم يتموا التراويح وأخروا بعضها إلى آخر الليل جاز، وإن كانوا أتموها وأوتروا ثم أرادوا أن يتنفلوا بالقيام بعدها ـ وهو المعروف عند العلماء بالتعقيب ـ جاز ذلك أيضا ولم يكن به بأس، قال ابن قدامة في المغني: فأما التعقيب ـ وهو أن يصلي بعد التراويح نافلة أخرى جماعة، أو يصلي التراويح في جماعة أخرى ـ فعن أحمد أنه لا بأس به، لأن أنس بن مالك قال: ما يرجعون إلا لخير يرجونه، أو لشر يحذرونه ـ وكان لا يرى به بأسا، ونقل محمد بن الحكم عنه الكراهة إلا أنه قول قديم والعمل على ما رواه الجماعة، وقال أبو بكر الصلاة إلى نصف الليل، أو إلى آخره لم تكره رواية واحدة.
انتهى.
وفي فتح الباري لابن رجب: واختلفت الرواية عن أحمد في التعقيب في رمضان، وهو: أن يقوموا في جماعة في المسجد، ثم يخرجون منه، ثم يعودون إليه فيصلون جماعة في آخر الليل.
وقال الثوري: التعقيب محدث وأكثر الفقهاء على أنه لا يكره بحالٍ.
ونقل ابن منصور عن إسحاق بن راهويه: أنه إن أتم الإمام التراويح في أول الليل كره له أن يصلي بهم في آخره جماعة أخرى، لما روي عن أنس وسعيد بن جبير من كراهته، وإن لم يتم بهم في أول الليل وأخر تمامها إلى آخر الليل لم يكره.
انتهى.
وهذا الذي نقل عن إسحاق هو ما رجحه الشيخ العثيمين، فقد رجح أن التعقيب بعد الفراغ من التراويح وصلاة الوتر لا يشرع، لأن السنة أن يجعل المصلي آخر صلاته بالليل وترا.
وأما تأخير بعض الصلاة إلى آخر الليل: فلا يكره، قال ـ رحمه الله: لكن لو أنَّ هذا التَّعقيبَ جاء بعد التَّراويح وقبل الوِتر، لكان القول بعدم الكراهة صحيحاً، وهو عمل النَّاس اليوم في العشر الأواخر من رمضان، يُصلِّي النَّاس التَّراويح في أول الليل، ثم يرجعون في آخر الليل، ويقومون يتهجَّدون.
انتهى.
وفي حاشية الروض: وإن أخروا التراويح، أو بعضها إلى آخر الليل، أو مدوا القيام إلى آخره، فهو أفضل، قال تعالى: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً ـ وهو وقت التنزل الإلهي الذي يقول الله تعالى فيه: هل من سائل؟ هل من مستغفر؟ هل من تائب ـ وأولى ذلك العشر الأخير منه.
انتهى.
وبه يتبين لك أن الأمر في هذا واسع ـ والحمد لله ـ فإن أتموا ركعات التراويح وأخروا الوتر إلى آخر الليل، فلا حرج، ويكون ما يصلونه قبل الوتر من قيام الليل، وإن كان بعد رقاد فهو من التهجد كذلك، وإن أخروا بعض ركعات التراويح ليصلوها مع الوتر في آخر الليل جاز ذلك ـ أيضا ـ بل إن أوتروا مع التراويح من أول الليل وأرادوا أن يتنفلوا بعد ذلك لم يكره، كما هو المعتمد عند الحنابلة على ما مر ذكره، وبه أيضا يتبين لك أنه لا حرج عليكم في أن تفعلوا مثل ذلك في مسجدكم .
والله أعلم.