السؤال
أود التكرم بالإجابة على سؤالي التالي:
أنا امرأة متزوجة من ثلاث سنوات ولدي طفلة ، مبتعثة في أمريكا، تزوجت وحرصت أن يكون ذا خلق ودين ، وتنازلت عن المستوى التعليمي والمادي. لكن بعدة عدة أشهر من الزواج ، اكتشفت بأن زوجي متهاون كثيرا في أمر الصلاة ، رغم أنه محترم في التعامل معي وخلوق، فلربما ترك الصلاة عدة أيام أو أسابيع، وقد يجلس عدة أيام على جنابة لا يغتسل منها، رغم مظهره الخارجي الذي يدل على الصلاح والالتزام.
حاولت نصحه كثيرا، كان يستجيب لي في البداية ، ولكن بعد فترة قال لي بأنني عندما أذكره بالصلاة فإنه يصلي فقط لأجلي لا لأجل الله ، وأن هذا لا يجوز، لذا طلب مني أن لا أنصحه ، وتارة يقول بأنني أنا السبب في تركه للصلاة، وأن أسلوبي في النصح غير مناسب معه ، ومرات يقول بأنه يصلي لكنني لا أراه، رغم أنه يكون جالسا معي ويؤذن للصلاة ويخرج وقتها ويؤذن للأخرى وهو في مجلسه لم يغادره، وفي مواقف يقول لي بأنه يتمنى أن يواظب على الصلاة لكن هناك ما يمنعه. علما بأنه تأتيه أيام يواظب على جميع الفروض في المسجد ثم ما يلبث حتى ينتكس.
لم يكن وقتها يملك وظيفة وكانت نفسيته متعبة جدا ، فقلت ربما بعد أن نسافر ويبدأ يكمل دراسته ويتعرف على الصحبة الطيبة يلتزم بالصلاة .
وفعلا بعد سفرنا أصبح أكثر مواظبة، لم يكن يصلي جميع الفروض، ولكن كان يذهب للمسجد من فترة لأخرى، وبعد شهرين حدث بينه وبين إمام المسجد خلاف، ومن بعدها رجع لترك الصلاة وربما أكثر تهاونا.
أنا لم أره يصلي ربما من أكثر من شهرين باستثناء الجمعة ولست متأكدة تماما من أنه يصليها أيضا.
سؤال ... هل يجوز بقائي معه وهو لا يصلي أو متهاون بالصلاة...؟
علما بأنه ربما من المستحيل رجوعي لأهلي حيث إنه بيني وبين والدي الكثير من المشاكل، كما أنني لن أستطيع أن أربي بنتي تربية صحية في بيت والدي حيث به الكثير من المشاكل والتعقيدات.
فما أفعل في حالتي بين والد صعب العيش معه وتربية ابنتي في بيته، ومع زوج لا يصلي.
كما أود أن أعلم متى نطلق على الشخص بأنه "تارك للصلاة" ؟ عندما يتركها مثلا يوما أو أسبوعا أم ماذا ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الصلاة أمرها عظيم في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وتاركها جاحدا لوجوبها كافر بإجماع أهل العلم، وإن أقر بوجوبها وتركها كسلا أو تهاونا فليس بكافر عند جمهور أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 1145.
وبناء على ذلك فإن زوجك على خطر عظيم بما هو عليه من ترك هذه الفريضة العظيمة، ولا شك أن قوله إنه يصلي من أجلك لا من أجل الله من أشنع المنكر وأفظع القول، فهذا دليل على استخفافه بأمر الصلاة ورقة دينه، ونقول لهذا الزوج: لم لا تصلي؟ ألا تخاف من الله؟ ألا تخشى الموت؟.
أما تعلم أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر" رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود والنسائي.
وماذا يكون جوابك لربك حين يسألك عن الصلاة؟
ألا تعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء" رواه البخاري ومسلم و(الغرة): بياض الوجه، و(التحجيل): بياض في اليدين والرجلين.
كما أن صلاته على جنابة باطلة لتخلف شرط من شروطها وهو رفع الحدث الأكبر.
وتارك الصلاة إنما تطلق على من يتركها تركا مطلقا، أما من يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا فلا يسمي تاركا للصلاة ولا يحكم بكفره على القول الراجح ففي فتاوى الشيخ ابن عثيمين:
وسئل فضيلة الشيخ - حفظه الله - عن الإنسان الذي يصلي أحياناً ويترك الصلاة أحياناً أخرى فهل يكفر ؟ فأجاب بقوله : الذي يظهر لي أنه لا يكفر إلا بالترك المطلق بحيث لا يصلي أبداً ، وأما من يصلي أحياناً فإنه لا يكفر لقول الرسول ، عليه الصلاة والسلام: " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. ولم يقل ترك صلاة ، بل قال : " ترك الصلاة " . وهذا يقتضي أن يكون الترك المطلق، وكذلك قال:" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها - أي الصلاة - فقد كفر " وبناء على هذا نقول : إن الذي يصلي أحياناً ليس بكافر . انتهى
وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 130853.
وبناء على ما تقدم فاجتهدي في نصح زوجك بحكمة ورفق، وبإمكانك أن تسلطي عليه بعض أهل الفضل والعلم لينصحوه ويبينوا له خطورة حالته، فإن أصر على ترك الصلاة فلك رفع الأمر لمحكمة شرعية للنظر في تفاصيل الأمر وراجعي الفتوى رقم: 5629.
وننبهك على وجوب الإحسان إلى أبيك وبره وصحبته بالمعروف، ولا يجوز لك هجرانه ولا أذيته بقول أو فعل. وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 49048.
والله أعلم.