السؤال
زوجي كثير الغضب مني، ودائما ما يقوم بالإساءة إلي في حالة الغضب، ويقوم بسبي بشتائم لا تليق، ويقوم بجذبي في الشارع، ولكن بعد هذا كله أسامحه وأطلب منه السماح؛ كي نعيش في حياة هادئة؛ لأني لا أريد النكد. وبالأمس قمت بالخطأ بغلق باب السيارة والمفتاح بداخلها، ولكن ستر ربنا أننا استطعنا فتح الباب الأمامي وخلصت المشكلة، ولكنه ظل يسبني حتى وصلنا المنزل، وبعد ذلك التزم الصمت، وهو عادته في كل مشكلة، لا يحدثني مطلقا، وينام وحده وكأنه يعيش بمفرده، وبعد ذلك يقول إن الطلاق هو الحل الوحيد. ماذا أفعل أنا أحبه، ولكن هو لا يريد ان يهدأ، وأنا أعترف بأخطائي، ولكنه لا يصفح بسرعة ويغضب من أتفه الأسباب. ماذا أفعل؟ هل أوافق على الطلاق؟ أم أستمر في المحاولات لمصالحته؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله خيرا على صبرك على زوجك، وحرصك على استدامة الحياة الزوجية بينكما، ونسأل الله سبحانه أن يجنبكم الفتن والشرور، وأن يصلح ذات بينكما، ويجعل صبرك هذا في ميزان حسناتك.
واعلمي أيتها السائلة أن الحياة الزوجية لا تستدام إلا بالتسامح والعفو والصفح من كلا الزوجين، ولا يتأتى ذلك إلا بمجاهدة كل طرف نفسه أن يتجنب ما يغضب صاحبه ويؤذيه، ومن هنا فإنا ننصحك بأن تتنبهي لما تقعين فيه من بعض الأخطاء التي تكون سببا في إغضاب زوجك واستثارة حفيظته.
ثم عليك أن تنصحي لزوجك وتعلميه أن الغضب هو أساس الشرور والآثام، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى رجلا جاءه يقول: أوصني فقال صلى الله عليه وسلم: لا تغضب. فردد مراراً قال : لا تغضب. رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم دلني على عمل يدخلني الجنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تغضب ولك الجنة. وقال الألباني: صحيح لغيره. رواه الطبراني
قال ابن التين: جمع صلى الله عليه وسلم في قوله "لا تغضب" خير الدنيا والآخرة لأن الغضب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق، وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه فينتقص ذلك من الدين. انتهى
وإن كنا بهذا لا نبرر للزوج ما يفعله من إيذائك بالسب ونحوه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. متفق عليه.
وسبق أن بينا أن اعتداء الزوج على زوجته دون سبب يعتبر من كبائر الذنوب جاء في كتاب "الزواجر عن اقتراف الكبائر": الكبيرة الحادية والخمسون: الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا. انتهى
وليعلم هذا الزوج أن الله سبحانه أمر الأزواج بمعاشرة أزواجهم بالمعروف فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}
وقد قال ابن كثير في تفسيره: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. انتهى.
وأما بخصوص الطلاق فقد سبق أن بينا أن إيذاء الرجل لزوجته يسوغ لها طلب الطلاق كما في الفتوى رقم: 116133
ولكنا لا ننصحك بذلك بل نوصيك بمواصلة الصبر على أذى زوجك ومحاولة استصلاحه لعل الله يكتب له الهداية على يديك.
والله أعلم.