السؤال
صلى بنا إمام بعد أن أتم قراءة الفاتحة والسورة ركع بدون تكبير أو أنه كبر ولم نسمعه ولم نتبعه، وأثناء الركوع تذكر فرجع واقفاً ثم ركع مرة ثانية مكبراً بصوت عال فتبعناه إلى أن أكمل الصلاة، وبعد السلام سجد سجود سهو. فهل ما قام به الإمام صحيح، أفيدونا أفادكم الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما فعله هذا الإمام لا شك في كونه من الخطأ الواضح، فقد كان الواجب عليه إذا ركع أن يستمر في ركوعه، سواء كان أسر بالتكبير ولم يجهر به أو لم يأت به أصلاً، وكان الواجب عليكم إذا شعرتم بركوعه أن تتابعوه عليه وتمضوا في صلاتكم ما دام قد حصل لكم العلم بانتقال الإمام، ولم يكن يجوز لهذا الإمام الرجوع للقيام بعد إذ استقر راكعاً، واعلم أن تكبير الانتقال سنة عند الجمهور وواجب عند الحنابلة، وعلى القول بوجوبه فإنه لا يرجع إليه تاركه بعد تركه نسياناً أو جهلاً بل يسقط الواجب ويجبر بسجود السهو، فمن تعمد الرجوع إلى هذا الواجب بعد مفارقة محله عالماً عامداً بطلت صلاته.
وأما على قول الجمهور بأن التكبير للانتقال سنة فالأمر واضح، وأما الجهر بالتكبير فسنة لا واجب، ومن ترك السنة وفارق محلها لم يجز له الرجوع للإتيان بها، وإلا كان هذا زيادة في الصلاة تبطل الصلاة بتعمدها، أما وقد رجع هذا الإمام للقيام فإن كان جاهلاً بالحكم- وهذا هو الظاهر- فصلاته صحيحة ولا تلزم إعادتها، وأما إن كان عالماً بالحكم وأن رجوعه محرم فصلاته باطلة تلزمه إعادتها.
جاء في حاشية الروض: ومتى مضى مصل في موضع يلزمه الرجوع، أو رجع في موضع يلزمه المضي، عالماً بتحريمه بطلت كترك الواجب عمداً، وإن فعله يعتقد جوازه لم تبطل، كترك الواجب سهواً.
وقال في الحاشية أيضاً: لا يرجع إلى تسبيح ركوع وسجود بعد الاعتدال، لأن محل التسبيح ركن وقع مجزئاً صحيحاً، ولو رجع إليه كان زيادة في الصلاة، فإن رجع بعد اعتداله عالماً بالتحريم عمداً بطلت صلاته، لا ناسياً ولا جاهلاً. انتهى.
وأما المأمومون فالراجح صحة صلاتهم إلا من علم أن الإمام تعمد المخالفة فيعيد على ما يقتضيه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، ومذهب الحنابلة أنهم يعيدون جميعاً.
جاء في الروض مع حاشيته: وإن علم معه واحد أعاد الكل أي فتبطل صلاة الكل بعلم واحد من المأمومين الذين معه، واختار القاضي والموفق والشارح وغيرهم، يعيد العالم، ونقل أبو طالب: إن علم اثنان وأنكر هو أعاد الكل، واحتج بخبر ذي اليدين، وقاعدة الشيخ: يعيد من علم فقط، وفهم منه أنه لو علم واحد أو أكثر ممن ليس معه لم تبطل صلاة المأمومين. انتهى.
والله أعلم.