الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أوفق لوظيفة وأمي ترفض مساعدتي وتقسو علي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا خريج جامعي، وفي كل مرة يتم طلبي لمقابلة العمل، أمي تخبر الجميع بذلك، فلا أوفق ولا أحصل على الوظيفة، وأنا على هذا الحال منذ 4 سنوات، أكافح لإيجاد أي وظيفة، وقد أخذت دورات بتخصصي لترقية مؤهلاتي، ولم ينجح الأمر.

بعد فترة طلبت من أمي أن تتحدث مع إخوتها؛ لمساعدتي في العمل معهم بالكويت، فكل واحد منهم لديه منصب إداري كبير في الشركة التي يعمل بها، فغضبت والدتي وقالت: لا علاقة لك بأخوالك، ولا ترمِ فشلك على عائلتي، وارتفعت أصواتنا، بعد الشجار أصبحت تغضب حينما تطلب مني أن أقوم بأي عمل لها، وتدعو علي وتقول: لن يوفقك الله بأي عمل، وستبقى فاشلًا، وستعمل بغسل الصحون، يا خسارة المال الذي صرفه والدك عليك.

حاليًا أنا غاضب من أمي، وأتشاجر معها دائمًا، فهي ترفض مساعدتي، وترفض أن أطلب المساعدة من أي أحد بنفسي، أفيدوني ماذا أفعل؟ فأنا مكتئب وأبكي ليلًا من الحرقة، علاقتي بالله جيدة -الحمد لله-، وأحافظ على الصلوات في وقتها، لكن والدتي تدعو علي دائمًا وتتهمني بالفشل، وتقول: أنت فاشل وستبقى كذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

نحن نشعر بالضغوط التي تواجهها، ولكن ينبغي أن تنتبه إلى أن حق الوالدين عظيم، ولا يجوز إيذاؤهما بالقول أو الفعل، فضلًا عن الغضب منهما، أو الإعراض عنهما، فقد نهى القرآن عن ذلك، حيث قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا}.

لذلك أخي العزيز: أول ما يجب عليك فعله هو التوبة من الإعراض والغضب تجاه والدتك، ومهما حدث منها عليك أن تكون لطيفًا معها، وتستمع لها، وتجتهد في طاعتها بالمعروف، وإن كان ما تأمر به خطأ أو غير صواب يمكنك ألا تطيعها، لكن دون الإساءة إليها، فالمسلم الذي يحافظ على الصلاة، لا ينبغي أن يكون في نفس الوقت عاقًا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين".

في حالتك يبدو أن والدتك تسعى لتربية الثقة والاعتماد على النفس فيك، وهو أمر إيجابي، قد يكون أسلوبها قاسيًا أحيانًا، لكنه نابع من حرصها على رؤيتك ناجحًا ومستغنيًا عن الآخرين، لذلك انظر لموقفها من هذه الزاوية؛ لتشعر بالامتنان والحب تجاهها، ولا تنتقد أسلوبها أو طريقتها وكأنك تعامل شخصاً غريباً عنك، هذه والدتك ويجب عليك طاعتها، والاهتمام بأمرها، ركز على الأمور العظيمة التي قامت بها من أجلك، وستجد حينها الجوانب الإيجابية كثيرة.

ولتحسين علاقتك بوالدتك، والخروج من حالة الاكتئاب، وزيادة فرصك في الحصول على عمل، نقدم لك بعض النصائح:

أولًا: الحوار الهادئ، تحدث مع والدتك بهدوء، واشرح لها تأثير كلماتها على نفسيتك، وأنك بحاجة إلى تشجيعها ودعمها، الحوار يزيل الكثير من العوائق، فقد لا تدرك والدتك تأثير عباراتها عليك وعلى نفسيتك.

ثانيًا: تجنب لحظات الغضب، وبادر في زيادة لحظات الوفاق، فعندما تكون والدتك غاضبة، تجنب النقاش والتزم الصمت؛ فالتصادم في تلك اللحظات يزيد المشكلة تعقيدًا، وفي نفس الوقت ابحث عن لحظات الوفاق والسعادة بينكما، وحاول صناعتها، والإكثار منها، فهي تقلل التوتر وتسهم في إزالة الشحناء.

ثالثًا: يجب توسيع دائرة علاقاتك، حاول أن تكون لك صداقات إيجابية في مجالات متعددة، يمكن لدورات تطوير العلاقات وفنون التعامل أن تفتح لك أبوابًا كثيرة للعمل، وتساعدك في بناء شبكة علاقات قوية.

رابعًا: البحث عن مسارات عمل متنوعة، فلا تحصر نفسك في مسار واحد يتمثل في العمل عند الآخرين فقط، فهناك مسارات كثيرة ومتنوعة، يمكنك تجربة بعض الأعمال الصغيرة، مثل: تخليص المعاملات، التسويق الشخصي، أو دخول عالم التجارة الالكترونية، والوساطة العقارية، وكلها أعمال تحتاج مهارات شخصية، ولا تتطلب رأس مال كبير.

خامسًا: تعلم من الناجحين، وحاول الاستفادة من خبرات الأصدقاء أو الأقارب الذين نجحوا في أعمالهم، فهذا سيفتح لك مجالات جديدة، وإذا كانت والدتك لا تريد تواصلك مع إخوانها بهذا الموضوع، فابحث عن غيرهم من الأصدقاء والأقارب.

وأخيرًا: من حق والديك أن يفتخرا بك عندما تبني نفسك بنفسك، وتأكد أن الأرزاق مقسومة، ونحن نسعى لطرق أبوابها، فقط لا تيأس وعلق أملك بالله تعالى، وأحسن الظن به، قال تعالى: {فإن مع العسر يسراً * إن مع العسر يسراً}.

أكثر من الدعاء، والاستغفار، وذكر الله، وتلاوة القرآن، والمحافظة على الفرائض والنوافل؛ فهذه الأعمال الصالحة تبعث الطمأنينة، وتساعدك على التخلص من القلق والاكتئاب؛ مما يفتح لك الأفق للتفكير في الحلول المثالية لتحقيق النجاح، لا تبقَ حبيسًا للحزن والاكتئاب، وابحث عن الحلول العملية، فاكتساب الدورات والمهارات أمر مهم، لكنه يحتاج إلى فهم الواقع المناسب لتثمر هذه المهارات بشكل أفضل.

نسأل الله أن يوفقك، ويعينك على الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً