السؤال
ماذا تفعل الزوجة مع زوجها الخائن، علماً أنه يريد بقاءها، وهي أيضاً لا تريد تركه؟
ماذا تفعل الزوجة مع زوجها الخائن، علماً أنه يريد بقاءها، وهي أيضاً لا تريد تركه؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ابتسام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بكِ -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب.
من المؤكد تحتاج المرأة للتعامل مع الخيانة إلى الحكمة والصبر والبصيرة، حتى لا يدفعها الانفعال والغيرة إلى اتخاذ قرارات تندم عليها، أو تفسد حياتها الأسرية بأكملها، لذلك لا بد من الوعي التام بجميع ملابسات الحادثة، والنظر إليها من زوايا متعددة، حتى تتمكني من التصرف بحكمة.
أولاً: تحديد طبيعة الخيانة، فالخيانة مصطلح عام قد يُقصد به مجرد العلاقة العاطفية، أو اللقاءات المحرمة مع امرأة أخرى لا تحل له، وقد يُقصد به ارتكاب فاحشة الزنا، فإذا كانت الخيانة المقصودة هي الزنا، فإن الأمر أولاً يحتاج إلى دليل قاطع لإثبات هذا الفعل، حتى لا يتحول الأمر إلى اتهام بالزنا، فيقع فيه حد القذف، ولا شك أن إثبات الزنا من الصعوبة بمكان، حتى يصل الأمر إلى مرتبة اليقين والجزم، وهذا يعني أن الحكم بالخيانة يظل في دائرة الظن أو الشك، ما لم يعترف الزوج بنفسه، وفي هذه الحالة يكون التصرف الأمثل هو العلاج غير المباشر، دون فضح أو مواجهة.
ثانياً: تأثير الخيانة والعلاج، اقتراف فاحشة الزنا، -أو الخيانة عموماً- ليس خطأ في حق الزوجة فقط، بل هو أيضاً ذنب عظيم في حق الله، وحق النفس، وحق الزوجة، وحق المجتمع.
يجب تقديم حق الله تعالى على كل الحقوق، وحق الله يعالج بالتوبة النصوح، ودفع الزوج للاستقامة، والاستغفار، والعودة إلى الله تعالى، لذلك عليك أن تتعاملي مع زوجك هنا كإنسان عاصٍ لله، ومقصر في حقه، لذلك اجتهدي في أن تكوني داعية ومصلحة لهذا الزوج، بتذكيره بالله تعالى، وحثه على المحافظة على الصلاة، وإبعاده عن كل المعاصي.
ثالثاً: التعامل مع الشكوك، مهما كانت القرائن التي تدل على وقوعه في الزنا، يبقى الأمر في دائرة الظن والشك، ما لم يثبت بالدليل القاطع أو الاعتراف، لذلك ليس من الحكمة أو المصلحة فضح الزوج، ونشر هذا الأمر بين الناس، لأن عرض المسلم مصان، والتوبة والإصلاح خير من الفضيحة.
رابعاً: الانفعال النفسي، ليس شرطاً أن يكون سبب الخيانة تقصيراً من الزوجة -كما قد يظن البعض- وإن كان في بعض الحالات لها دور، لكن إلقاء اللوم على نفسك، قد يؤثر على حالتك النفسية، ويضعف قدرتك على التعامل مع هذه المشكلة.
لذلك خذي مع نفسك جلسة هادئة، لتفكري في أي الجوانب قد يكون هناك تقصير أو نقص، أو تحتاج لتعزيز وبناء، حاولي معالجة تلك الجوانب، فقد يكون مثلاً الحل في إظهار الزينة والأنوثة، أو الاهتمام والاحتواء العاطفي، أو التقدير والدعم النفسي، وقد يكون حسن الكلمة، والتشجيع وإبراز الجانب القيادي للزوج، كل ذلك يعزز الثقة بينكما، ويقوي الروابط الأسرية.
خامساً: تقدير الحب المتبادل -أختي الفاضلة- إذا كان هناك حب متبادل بينكما، فمن المرجح أن هذا الخطأ حدث هفوة أو في لحظة ضعف، فهذا الحب المتبادل بينكما يكفي لإصلاح ما جرى، ولا ينبغي أن يكون هذا الخطأ سبباً لهدم الأسرة، لذلك ينبغي تقدير هذا الحب، والعمل على إصلاح العلاقة، بدلاً من إنهائها، ما دامت هناك قدرة على ذلك.
لا شك أن التعامل مع هذا الموقف يحتاج إلى صبر، وقوة نفس، وبفضل الله، فإن مع الاجتهاد والصبر تكون العاقبة -بعون الله- خيراً، فالشيطان دائماً يحاول إثارة الشكوك، وتضخيمها، وإظهار انعدام الحلول لإفساد الأسرة، فلا بد من قطع هذا الطريق عليه.
أختي الفاضلة: ضعي هدفًا في نفسك، أساسه: ما دام زوجي متمسكاً بي ويحبني، وأنا متمسكة به وأحبه، فإن هذه المحنة هي امتحان لعلاقتنا، ويجب أن أجتهد في إصلاحها، فهو خير من الفراق أو الفضيحة.
أكثري من الدعاء بين يدي الله تعالى، واطلبي منه أن يُصلحك ويُصلح حال زوجك، واحرصي على أن تكون حياتكما مليئة بطاعة الله، والاهتمامات المشتركة التي تُنمي علاقة الحب، وتقلل من الأساليب الجافة، واستغلي ما وهبك الله من جمال وأنوثة، لكسب قلب زوجك بما يحب، وكسر ميله للشهوات، وذلك بحسن التزيُّن، وتذكري أنك مأجورة على كل ذلك.
إذا صلح زوجك فهذا توفيق من الله، واعتبري ذلك صفحة من الماضي تطوى ولا تروى، ولا تحتاجين حتى أن تواجهي زوجك بها مهما كان، أما إن فشلت كل وسائل العلاج، وحدث التمادي من الزوج، فيكون من المهم المواجهة والمصارحة، والتذكير بعواقب هذا الفعل في الدنيا والآخرة، ثم الدخول في حوار، والبحث عن حلول مشتركة، ولكن هذا الأمر بعد نفاد كل الوسائل والاجتهاد فيها بشكل تام.
نسأل الله أن يوفقكِ وييسر لك أمركِ.