الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفكير في الدار الآخرة والموت أفقدني طعم الحياة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
أسأل الله العظيم أن يسعد قلوبكم (جميع من في الموقع).

لديّ مشكلتان صعبتان جدا، وقد أثرتا على حياتي، ولجأت لكم بعد الله، لأنني أثق فيكم، وأسمع لكلامكم.

مشكلتي الأولى:
أنا لا أعلم ماذا بي؟ لي فترة طويلة وأنا يأتيني خوف من أن أموت وأنا لم أجمع حسنات أو يكون عندي ذنب لا أعلم ما هو أو أموت وأنا لم أجمع لي شيئا للآخرة، وأن أموت ولن أدخل الجنة، وأخاف من عقاب ربي، ومرة أتاني شيء أحسست أنني سوف أموت، وجسمي يعرق وأحسست بهبوط، لكن سرعان ما ذهبت وصليت وخفت حالتي، وبعدها أشغلت نفسي -والحمد لله- خفت قليلا، وأتمنى أنها لا تعود لي مرة أخرى، وأيضا أفكر دائما بالمرض والعين، وأخاف منه، وعندي أوهام أتوهم بألم في مكان ما أو شيء آخر.

كل الذي ذكرته أثّر على حياتي، لا أجد طعمًا للحياة، وتمر علي أي مناسبة فلا أفرح بها، فقط جسدي موجود، وعقلي ممتلئ وساوس بالموت والمرض، تعبت، البنات بعمري سعيدات، أما أنا فدائما قلقة، أذهب أتمشى مع بنات في مثل سني، أخاف أن أذهب معهنَّ، أخاف أن يحدث لي شيء، وأذهب معهنَّ لكن لا أستمتع، وأي شيء مفرح لا أجده يفرحني، (الخروج، الزيارات، التجمعات) كل هذا لا أجد فيه طعم السعادة، أفكر بالآخرة وبالموت وأنا لم أستعد!

لقد تعبت، لا أهنأ بشيء أبداً، حتى السوق أذهب أشتري ملابس بدون نفس، وأهملت نفسي، لا أتزين، ولا أخرج لأناس لا أعرفهم خوفا من العين.

أنا إنسانة وحيدة، حاولت كثيرا أن أكوّن صداقات وأنا طالبة ولكن دون جدوى، لكن حتى بالكلية نفس الحالة جسدي عند البنات، وعقلي بالعين والموت والمرض والأوهام والخوف، حاولت أتجاهل لكن لم أستطع أبداً.

أتمنى زوجا يحبني لأنني رومانسية جدا، هذا الشيء الوحيد الذي سوف يغيرني.

مشكلتي الثانية:
سجلتُ بموقع زواج محترم جدا ومشهور، وسبحان الله أتاني شخص بسرعة وأخذنا وأعطينا في الكلام، وأعجبنا ببعض، ووالدته سوف تأتي قريبا، وما زلنا نتراسل لكي نتعرف على بعض أكثر، وأحببته، وبعدها وأنا أحلم، ونفسيتي تحسنت، لكن ما زالت مشكلتي الأولى موجودة لكن بصورة أقل، وسؤالي أنا ضميري يؤنبني كلما راسلت هذا الشاب، علما أن الرسائل محترمة جدا، وكلها بخصوص الارتباط، ووالدته سوف تأتي قريبا، ولكني أخاف من أن هذا يغضب ربي، لكن يعلم الله أننا محترمون، ووقتنا محدد، فقط إلى أن تأتي أمه لخطبتي، أسابيع فقط، وهو يريد دائما مني أن أراسله، علما أنه في كل يوم نتبادل رسالة واحدة مني ومنه.

أرجوكم أخبروني هل هذا يغضب ربي؟ فقط رسائل ونيتنا الزواج، والموقع محترم جدا، لا أرقام ولا إيميلات ولا أي وسيلة تواصل خارج الموقع.

ولكم مني جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

حالة الخوف التي تعانين منها -خاصة الخوف من الموت وما يتبعها من أفكار - هي مخاوف وسواسية، والمخاوف الوسواسية بالفعل مزعجة لصاحبها، وغالبًا تكون بداياتها ناتجة من تجربة ما، تجربة أو خبرة سلبية كما نسميها، ربما قرأتِ شيئًا ليس بالدقيق وليس بالصحيح لا يقوم على أساس شرعي حول الموت، أو سمعت قصة ما جعلت تخافين، المهم لابد أن يكون هناك رابط أو سبب محفز لمثل هذا النوع من العرض، ومن المرجح أيضًا أن تكون شخصيتك حساسة وذات ميول نحو القلق.

المخاوف الوسواسية حين يفهم الإنسان أنها قلق، وأنها غير طبيعية، يجب أن يتعامل معها بشيء من التجاهل ويعتبرها أفكارًا سخيفة، وهذه أفضل سبل المواجهة، لكن في ذات الوقت - خاصة فيما يتعلق بالخوف من الموت - لابد أن تكون هنالك درجة طبيعية من الخوف من الموت، فلا شك أن الموت مخيف، والإنسان يجب أن يعمل لما بعد الموت، لكن عملية الموازنة تأتي في أن هذا الخوف، يجب ألَّا يكون خوفًا مرضيًا، يجب أن يكون خوفًا طبيعيًا، فكلنا يخاف الموت، وفي حالتك - كما ذكرت لك - الخوف خوف وسواسي مرضي وليس خوفًا طبيعيًا؛ ولذا يجب أن تحقري هذه الأفكار تمامًا وتقولي لنفسك: (الأعمار والآجال بيد الله تعالى، وأنا في كنف الله، وأنا لا أعصي ربي)، وعليك بالصلاة في وقتها وتلاوة القرآن والدعاء والأذكار، وتجنبي كل ما يُغضب الله تعالى.

هذه هي الأسس الرئيسية التي تبني لك قاعدة منطقية صحيحة، تشعرين من خلالها أنك على الطريق الصحيح، وأن المخاوف الوسواسية يجب أن لا تشغلك، إنما الذي يشغلك هو الخوف الطبيعي.

والخوف من العين ومن السحر وهذه الأمور أعتقد أيضًا التأثير الاجتماعي له دور كبير فيها، والحل واضح، وهو الإنسان يتوكل على الله، ويعرف ويدرك إدراكًا واقعًا أنه في حرز وفي حفظ الله تعالى، وأن يحصِّن نفسه، وعلى ضوء ذلك يكون الأمر قد انتهى تمامًا، وكما قال تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}. وأنت مطالبة بأن تشغلي نفسك وتستثمري وقتك بصورة صحيحة.

هنالك علاج دوائي ممتاز أرى أنك في حاجة له، الدواء يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) واسمه العلمي هو (إستالوبرام) الجرعة المطلوبة هي: أن تبدئي بعشرة مليجرام يوميًا، تناوليها ليلاً بعد الأكل، وبعد شهر ارفعيها إلى عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضيها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميًا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

السبرالكس دواء سليم جدًّا وفعال، ولا يحتاج إلى وصفة طبية، وهو من الأدوية ذات الفعالية جدًّا في علاج المخاوف والوساوس، وسوف تجدي منه إن شاء الله فائدة كبيرة جدًّا.

لابد من التواصل الاجتماعي خاصة مع الفتيات الصالحات، الفتيات الجادات في الحياة، والإنسان يحتاج إلى من يؤازره، يحتاج لمن يأخذ بيده في أمور الدين والدنيا.

أنا لا أريدك أبدًا أن تعتقدي أنك تعانين من أوهام مرضية، هذا ليس وهمًا مرضيًا، هذا قلق نفسي، والقلق في حد ذاته ظاهرة صحية، لكن إذا زاد عن حده أصبح ظاهرة مرضية، وما ذكرناه لك من علاج دوائي وبعض الإرشاد كافي جدًّا لأن تنتهي هذه الأعراض.

بالنسبة للجزئية الثانية وهي أنك فتاة رومانسية وتتمنين أن تتزوجي برجل يُحبك؟ هذه أمنية كل فتاة، سلي الله تعالى أن يهب لك الزوج الصالح الذي تحسين معه بالمودة والمحبة والسكينة، وأن يكون زواجًا موفقًا قائمًا على الاحترام والتقدير.

بالنسبة للتواصل من خلال هذه المواقع – مواقع الزواج الذي ذكرتِ أنه موقع محترم وجيد- حقيقة أنا أحترم جدًّا مشاعرك وأحترم جدًّا تقييمك لهذا الموقع بأنك وصفته بأنه محترم، لكن أنا أيضًا على إدراك تام أن هذه المنهجية كثيرًا ما تُوقع الإنسان في أخطاء، لأنها لا تخلو من بعض الشوائب، فهذا الشاب إذا كان بالفعل وصلت العلاقة بينك وبينه لدرجة أنه سوف يتقدم لأهلك هذا الأمر يجب أن لا يطول، هذه الخطوة يجب أن تُحسم فورًا، وأحسب أنك قد أخطرت (أخبرت) أهلك بذلك، فيجب أن يكون أهلك على علم بهذه العلاقة، ويجب لهذه العلاقة أن تتقيد بالقيود الشرعية، وأن تحذري الحذر التام من الاستمرار فيها إذا اتضح لك أنه هذا لن يتقدم لأهلك لطلب الزواج منك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يرزقك الزوج الصالح، والذرية الطيبة.

انتهت إجابة الدكتور: محمد عبد العليم الطبيب النفسي/ تليها إجابة الدكتور أحمد الفودعي المستشار الشرعي لمزيد فائدة:
________________________________________

فمرحبًا بك - أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان.

لقد أجاد الدكتور محمد – جزاه الله تعالى خيرًا – فيما قدمه لك من نصائح سواء كانت طبية أو إرشادية سلوكية، ونسأل الله تعالى أن يمدك بالإعانة والتوفيق للعمل بهذه التوصيات، ونحن على ثقة -أيتها الكريمة- بأن سعادتك تكمن في تحسين علاقتك بالله سبحانه وتعالى، وأن تحسني ظنك بالله، وأنه سبحانه وتعالى قادر على أن يسوق إليك الخير من حيث لا تحتسبي.

وأنا مُعجب جدًّا -أيتها الأخت الكريمة- بيقظتك وتأنيبك لضميرك وإحساسك بأنك تفعلين شيئًا خاطئًا، بمراسلتك لهذا الشاب واستمرار هذه المراسلة، وهذا عين الصواب، فإن هذه المراسلة محفوفة أولاً بالمخاطر، ثم هي مخالفة لما أمر الله عز وجل به المرأة المسلمة من اجتناب أسباب الفتن، وعدم تعاطي الأسباب التي قد تجرّها إلى ما لا يُحمد عاقبته، فإن الله عز وجل حين شرع وحكم بضوابط وآداب تجب على المرأة والرجل التزامها في العلاقة بين الاثنين إنما يُراد من وراء ذلك حفظ هذه المرأة وصيانتها من أن تقع فريسة سهلة بأيدي العابثين، وهؤلاء العابثون -أيتها الأخت- قد يتزينون ويظهرون بمظاهر الصلاح والتقوى، ونحن ليس بالضرورة نقول هذا اتهامًا لهذا الشاب الذي تعرفت عليه، ولكن من واقع خبرتنا ومعرفتنا بالناس ومعرفتنا لحالات فتيات كثيرات قبلك ظهر لهنَّ بعض هذا النوع من البشر بمثل هذه الحالات ثم ندمن، لكن حين لا ينفع الندم.

ومن ثم فالحزم -أيتها الأخت- والحيطة والعقل يقضي بأن يقف الإنسان عند أمر ربه وعند نهيه، فالشيء الذي حكم به الله عز وجل وقضى به وأمرنا بامتثاله يجب علينا أن نبادر إلى ذلك، عالمين جازمين أن في هذا الخير كله، وأن الله عز وجل إنما يريد بما شرع لنا جر المصلحة إلينا.

ولذا فنصيحتنا لك - أيتها العزيزة- أن تبادري بقطع هذه المراسلة بينك وبين هذا الشاب، وهو إن كان جادًا راغبًا في الزواج بك فإن الطرق مفتوحة أمامه، وبإمكانه أن يطلبك من أهلك إن كان صادقًا، وإذا تم العقد الشرعي فبعد ذلك بإمكانك أن تتكلمي معه كيف ما شئت، وأن تراسليه بما شئت، أما قبل ذلك فإننا نخشى عليك أولاً معصية الله سبحانه وتعالى، وغضب الله سبحانه وتعالى لا تقوم له السموات والأرض فضلاً عن هذا الإنسان الضعيف المسكين.

ثم نخشى عليك ثانية أن تجري من خلال هذه الخطوات إلى ما يضرك فتندمين حين لا ينفعك الندم، والله عز وجل قد حذرنا من خطوات الشيطان، فإن الشيطان يجر الإنسان إلى المعصية في خطوات، ولذلك قال الله تعالى لنا: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان، ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}.

ولا تتهيبي أبدًا -أيتها الكريمة- قطع الصلة بهذا الشاب، فإن الأمر هين سهل إذا استعنت بالله عز وجل، وحاولت أن تفطمي نفسك عن تعاطي ما تشتهيه وتحبه، فإن النفس إن لم تُشغل بالحق شغلت بالباطل، فحاولي أن تشغلي نفسك بالشيء النافع في دين أو دنيا، وحاولي أن تربطي علاقات مع الفتيات الصالحات والنساء الطيبات وتحضرين مجالسهنَّ، وبهذا ستملئين الفراغ الموجود لديك، وستجدين من يُؤنسك ويقضي على هذه الوحدة والشعور بالانعزال.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير كله ويسد عنك أبواب الشر.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر وليد

    اعاني نفس المشكل

  • المغرب رانيا

    انا لا اخاف من الموت بل ما بعد الموت. اخاف ان يعذبني ربي وان لا ادخل الجنة وان اكون من الخاسرين فكلما سمعت الناس يتكلمون عن علامات الساعة احس ان قلبي سوف يتوقف لاني اقول ان الله ليس راضي عني......

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً