4130 - ألا هل أتى تيم بن عبد مناءة على النأي فيما بيننا ابن تميم
وقد أنكر قراءة أبو عبيد ، وقال: "لم أسمع الهمز". قلت: قد سمعه غيره، والبيت حجة عليه. ابن كثير
وأما قراءة العامة فاشتقاقها من منى يمني أي: صب; لأن دماء النسائك كانت تصب عندها، وأنشدوا لجرير :
4131 - أزيد مناة توعد يا بن تيم تأمل أين تاه بك الوعيد
وقال : "وألفه من ياء لقولك: منى يمني إذا قدر، ويجوز أن تكون من الواو، ومنه منوان"، فوزنها على قراءة القصر فعلة. أبو البقاء
"والأخرى" صفة لمناة. قال : "والأخرى توكيد; لأن الثالثة لا تكون إلا أخرى". وقال أبو البقاء : "والأخرى ذم وهي المتأخرة الوضيعة المقدار، كقوله: الزمخشري قالت أخراهم أي: وضعاؤهم [ ص: 94 ] لأشرافهم، ويجوز أن تكون الأولية والتقدم عندهم للات والعزى". انتهى. وفيه نظر; لأن الأخرى إنما تدل على الغيرية وليس فيها تعرض لمدح ولا ذم، فإن جاء شيء من هذا فلقرينة خارجية. وقيل: الأخرى صفة للعزى; لأن الثانية أخرى بالنسبة إلى الأولى. وقال "فيه تقديم وتأخير"، أي: العزى الأخرى ومناة الثالثة، ولا حاجة إلى ذلك لأن الأصل عدمه. الحسين بن الفضل:
و"أرأيت" بمعنى أخبرني فيتعدى لاثنين، أولهما: "اللات وما عطف عليها". والثاني: الجملة الاستفهامية من قوله: ألكم الذكر ، فإن قيل: لم يعد من هذه الجملة ضمير على المفعول الأول. فالجواب: أن قوله: "وله الأنثى" في قوة "وله هذه الأصنام" وإن كان أصل التركيب: ألكم الذكر وله هن، أي: تلك الأصنام، وإنما أوثر هذا الاسم الظاهر لوقوعه رأس فاصلة.
وقد جعل المفعول الثاني محذوفا فإنه قال: "وجه تلفيق هذه الآية مع ما قبلها فيقول: أخبروني عن آلهتكم هل لها شيء من القدرة والعظمة التي وصف بها رب العزة في الآي السالفة". انتهى. فعلى هذا يكون قوله: "ألكم الذكر" متعلقا بما قبله من حيث المعنى، لا من حيث الإعراب. وجعل الزجاج الرؤية هنا بصرية فقال: "وهي من رؤية العين; لأنه أحال على أجرام مرئية، ولو كانت "أرأيت" التي هي استفتاء لم تتعد"، وهذا كلام مثبج، وقد تقدم لك الكلام عليها مشبعا في الأنعام وغيرها. ابن عطية