السبب السادس : . وهي تكون لكسر ، أو انخلاع . وتارة يحتاج إلى الجبيرة على الكسر أو الانخلاع ، وتارة لا يحتاج ، ويعتبر في الحاجة ما تقدم في المرض . إلقاء الجبيرة
فالحالة الأولى : إذا احتاج ، ووضع الجبيرة ، فإما أن يقدر على نزعها عند الطهارة من غير ضرر من الأمور المتقدمة في المرض ، وإما أن لا يقدر ، فإن لم يقدر ، لم يكلف النزع . ويراعي في طهارته أمورا .
الأول : غسل الصحيح . وهو واجب على المذهب . وقيل : قولان . فعلى المذهب : يجب غسل ما يمكن حتى ما تحت أطراف الجبيرة من الصحيح ، بأن يضع خرقة مبلولة عليها ، ويعصرها لتغسل تلك المواضع بالمتقاطر .
الثاني : ، وهو واجب على الصحيح المشهور . وحكي قول ووجه : أنه لا يجب ، بل يكفي الغسل مع التيمم . فعلى الصحيح : إن كان جنبا ، مسح متى شاء ، وإن كان محدثا ، مسح إذا وصل إلى غسل العضو [ ص: 105 ] الذي عليه الجبيرة . ويجب استيعاب الجبيرة بالمسح على الأصح ، كالوجه في التيمم . وعلى الثاني : يكفي ما يقع عليه الاسم : كمسح الرأس ، والخف ، ولا تتقدر مسح الجبيرة بالماء على الصحيح . وعلى الثاني : تتقدر ثلاثة أيام للمسافر ، وبيوم وليلة للحاضر . والخلاف فيما إذا تأتى النزع بعد المدة المقدرة بلا ضرر . فإن حصل ضرر ، لم يجب قطعا . وإن تأتى في كل طهارة ، وجب النزع قطعا . مدة المسح
الثالث : التيمم في الوجه واليدين . ففيه طريقان . أصحهما : على قولين . أظهرهما : يجب . والثاني : لا . والطريق الثاني : إن كان ما تحت الجبيرة عليلا ، بحيث لا يجب غسله لو ظهر ، لم يجب التيمم ، وإلا وجب . وإذا وجب ، فلو كانت الجبيرة على موضع التيمم ، لم يجب مسحها بالتراب على الأصح . ثم ، فالأصح أنه مخير ، إن شاء قدم غسل الصحيح على التيمم ، وإن شاء أخره . وعلى الثاني : يتعين تقديم الغسل . وإن كان محدثا ، فثلاثة أوجه . هذان الوجهان في الجنب . والثالث : وهو الأصح ، أنه لا ينتقل من عضو حتى يتم طهارته . فعلى هذا ، إن كانت الجبيرة على الوجه ، وجب تقديم التيمم على غسل اليدين . فإن شاء غسل صحيح الوجه ، ثم تيمم عن عليله ، وإن شاء عكس . وإن كانت على اليدين ، وجب تقديم التيمم على مسح الرأس ، وتأخيره عن غسل الوجه . ولو كان على عضوين أو ثلاثة جبائر ، تعدد التيمم . فإن كانت على الوجه جبيرة ، وعلى اليد جبيرة ، غسل صحيح الوجه ، وتيمم عن عليله . ثم اليد كذلك . وعلى الوجه الأول والثاني ، يكفي تيمم واحد وإن تعددت الجبائر . إن كان جنبا
قلت : . قال القاضي ولو عمت الجراحات أعضاءه الأربعة أبو الطيب والأصحاب : يكفيه تيمم واحد عن الجميع ، لأنه سقط الترتيب لسقوط الغسل . قالوا : ولو عمت الرأس ، ولم تعم الأعضاء الثلاثة ، وجب غسل صحيح الأعضاء ، وأربع تيممات على ما ذكرنا . قال صاحب ( البحر ) : فإذا تيمم في هذه الصورة [ ص: 106 ] أربع تيممات ، وصلى ، ثم حضرت فريضة أخرى ، أعاد التيممات الأربعة ، فلا يلزمه غسل صحيح الوجه ، ويعيد ما بعده . وهذا الذي ذكره في الغسل ، فيه خلاف سيأتي قريبا ، إن شاء الله تعالى .
قال صاحب ( البيان ) : وإذا كانت الجراحة في يديه ، استحب أن تجعل كل يد كعضو ، فيغسل وجهه ، ثم صحيح اليمنى ، وتيمم عن جريحها ، ثم يطهر اليسرى غسلا وتيمما ، وكذا الرجلان . وهذا حسن ، لأن تقديم اليمنى سنة ، فإذا اقتصر على تيمم ، فقد طهرهما دفعة . والله أعلم .
ثم ما ذكرناه الأمور الثلاثة ، إنما يكفي بشرطين . أحدهما : أن لا يأخذ تحت الجبيرة من الصحيح ، إلا ما لا بد منه للاستمساك . والثاني : أن يضعها على طهر . وفي وجه : لا يشترط الوضع على طهر ، والصحيح اشتراطه . فيجب النزع ، واستئناف الوضع على طهر إن أمكن ، وإلا فيترك ، ويجب القضاء بعد البرء على المذهب ، بخلاف الوضع على طهر على الأظهر ، هذا كله إذا لم يقدر على نزع الجبيرة عند الطهر ، فإن قدر بلا ضرر ، وجب النزع ، وغسل الصحيح إن أمكن ، ومسحه بالتيمم إن كان في موضع التيمم ولم يمكن غسله .
الحالة الثانية : أن لا يحتاج إلى الجبيرة ، ويخاف من إيصال الماء ، فيغسل الصحيح بقدر الإمكان ، ويتلطف بوضع خرقة مبلولة ، ويتحامل عليها ، ليغسل بالمتقاطر باقي الصحيح . ويلزمه ذلك بنفسه ، أو بأجرة ، كالأقطع . وفي افتقاره إلى التيمم الخلاف السابق في الحالة الأولى . ولا يجب مسح موضع العلة بالماء وإن كان لا يخاف منه . كذا قاله الأصحاب . - رضي الله عنه - نص سياقه يقتضي الوجوب . وإذا أوجبنا التيمم ، والعلة في محل التيمم ، أمر التراب عليه . وكذا لو كان للجراحة أفواه منفتحة ، وأمكن إمرار التراب عليها ، وجب . وللشافعي
قلت : هذا الذي ذكره الرافعي من ثبوت خلاف في وجوب التيمم غلط . [ ص: 107 ] ولم أره لأحد من أصحابنا ، فكأنه اشتبه عليه . فالصواب : الجزم بوجوب التيمم في هذه الصورة ، لئلا يبقى موضع الكسر بلا طهارة . والله أعلم .