فصل
قد قدمنا في وغيرها من النوافل الراتبة إذا فاتت ، قولين . وتقدم الخلاف في اشتراط شرائط الجمعة فيها . فلو شهد عدلان يوم الثلاثين من رمضان قبل الزوال برؤية الهلال في الليلة الماضية ، أفطروا . فإن بقي من الوقت ما يمكن جمع الناس والصلاة فيه ، صلوها وكانت أداء . وإن شهدوا بعد غروب [ ص: 78 ] الشمس يوم الثلاثين ، لم تقبل شهادتهم ، إذ لا فائدة فيها إلا المنع من صلاة العيد ، فلا يصغى إليها ، ويصلون من الغد العيد أداء ، هكذا قال الأئمة واتفقوا عليه . وفي قولهم : لا فائدة إلا ترك صلاة العيد إشكال ، بل لثبوت الهلال فوائد أخر . كوقوع الطلاق والعتق المعلقين ، وابتداء العدة منه ، وغير ذلك ، فوجب أن نقبل ، لهذه الفوائد . ولعل مرادهم بعدم الإصغاء في صلاة العيد وجعلها فائتة ، لا عدم القبول على الإطلاق . قضاء صلاة العيد
قلت : مرادهم فيما يرجع إلى الصلاة خاصة قطعا ، فأما الحقوق والأحكام المتعلقة بالهلال ، كأجل الدين ، والعتق ، والمولى ، والعدة ، وغيرها ، فثبت قطعا . - والله أعلم - .
فلو شهدوا قبل الغروب بعد الزوال ، أو قبله بيسير ، بحيث لا يمكن فيه الصلاة ، قبلت الشهادة في الفطر قطعا ، وصارت الصلاة فائتة على المذهب ، وقيل : قولان . أحدهما : هذا . والثاني : يفعل من الغد أداء لعظم حرمتها . فإن قلنا بالمذهب ، فقضاؤها مبني على قضاء النوافل . فإن قلنا : لا تقضى ، لم يقض العيد . وإن قلنا : تقضى ، بني على أنها كالجمعة في الشرائط ، أم لا . فإن قلنا : نعم ، لم تقض ، وإلا قضيت ، وهو المذهب من حيث الجملة . وهل لهم أن يصلوها في بقية يومهم ؟ وجهان ، بناء على أن فعلها في الحادي والثلاثين أداء أم قضاء . إن قلنا : أداء ، فلا . وإن قلنا : قضاء وهو الصحيح ، جاز . ثم هل هو أفضل ، أم التأخير إلى ضحوة الغد . وجهان . أصحهما : التقديم أفضل ، هذا إذا أمكن جمع الناس في يومهم لصغر البلدة . فإن عسر ، فالتأخير أفضل قطعا . وإذا قلنا : يصلونها في الحادي والثلاثين قضاء ، فهل يجوز تأخيرها ؟ عنه قولان . وقيل : وجهان . أظهرهما : جوازه أبدا . وقيل : إنما يجوز في بقية شهر العيد . ولو شهد اثنان قبل الغروب ، وعدلا بعده ، فقولان . وقيل : وجهان . أحدهما : الاعتبار بوقت [ ص: 79 ] الشهادة ، وأظهرهما : بوقت التعديل ، فيصلون من الغد بلا خلاف أداء . هذا كله إذا وقع الاشتباه وفوات العيد لجميع الناس . فإن وقع ذلك لأفراد ، لم يجز إلا قولان ، منع القضاء وجوازه أبدا .
فرع
إذا ، وحضر أهل القرى الذين يبلغهم النداء لصلاة العيد ، وعلموا أنهم لو انصرفوا لفاتتهم الجمعة ، فلهم أن ينصرفوا ، ويتركوا الجمعة في هذا اليوم على الصحيح المنصوص في القديم والجديد . وعلى الشاذ : عليهم الصبر للجمعة . وافق يوم العيد يوم جمعة