الباب الخامس في الاختلاف .
فيه مسائل .
الأولى : ، صدق بيمينه . ولو كان [ ص: 431 ] قالت : خالعني على كذا ، فأنكر الزوج ، وقالت القائلة : بل أردتني ، فهو المصدق ولا فرقة . له زوجتان تسميان باسم واحد ، فقال : خالعت فلانة بكذا ، فقبلت إحداهما ، فقال الزوج : أردت الأخرى
ولو ، صدقت بيمينها في نفي العوض ، ولا يقبل قوله في سقوط سكناها ونفقتها ، وتحصل البينونة بقوله . قال : طلقتك بألف ، فقالت : بلا عوض
ولو ، فكذلك الحكم . قال : خالعتك بالعوض الذي سألت ، فأنكرت أصل السؤال
وإن ، فهي المصدقة في نفي المال أيضا . قالت : طلقتني بعد طول الفصل ، وقال : بل في الحال
ولو ، فلا رجعة لك ، فالمصدق الزوج . قال : طلقتك بعد طول الفصل ولم تقبلي فلي الرجعة ، وقالت : بل طلقتني متصلا بسؤالي
الثانية : ، تحالفا وحصلت البينونة ، وإنما أثر التحالف في العوض . اتفقا على الخلع واختلفا في جنس العوض أو قدره أو صفته في الصحة والتكسر والأجل ، ولا بينة
والقول في أنه هل تنفسخ التسمية ، أم تفسخ إن أصرا على النزاع ، وفي كيفية اليمين ومن يبدأ به على ما تقدم في البيع وفي الرجوع بعد الفسخ أو الانفساخ إلى مهر كتحالفهما في الصداق ؟ وقيل : يرجع بأقل الأمرين من مهر المثل وما ادعاه .
وقيل : بأكثر الأمرين من مهر المثل والمسمى الذي ادعته ، والصحيح الأول .
ولو أقام كل واحد بينة بدعواه ، فهل تتساقطان ، أم يقرع ؟ قولان حكاهما الحناطي . وعلى التقديرين ، هل يحلف ؟ وجهان . وعن ابن سريج ، أنه يعمل بأكثر البينتين .
قلت : الأظهر ، أنهما يسقطان ولا ترجيح بالكثرة . والله أعلم .
ولو خالع أجنبيا واختلفا ، تحالفا وعلى الأجنبي مهر المثل .
[ ص: 432 ] الثالثة : سبق أنه لو خالعها على ألف درهم ، وفي البلد نقد غالب نزل عليه فلو لم يكن ، بطلت التسمية ووجب مهر المثل ، فإن نويا نوعا ، فالصحيح الاكتفاء بالنية ولزوم ذلك النوع .
وقيل : تفسد التسمية ويجب مهر المثل كنظيره في البيع ، والفرق أنه يحتمل هنا ما لا يحتمل في البيع .
ولو ، فالصحيح أنه كإبهام النوع ، فإن نويا جنسا ، تعين . قال : خالعتك على ألف ولم يذكر جنسا
وقيل : يتعين هنا مهر المثل لكثرة الاختلاف في الأجناس . ولو قال : خالعتك على ألف شيء فقبلت ، ونويا شيئا معينا ، قال القاضي حسين : التسمية فاسدة لشدة الإجمال ، فيرجع إلى مهر المثل ، ويمكن أن ينازعه غيره .
ثم قال الشيخ أبو محمد : إنما يؤثر التعيين بالنية إذا تواطآ قبل العقد على ما يقصدانه ولا أثر للتوافق بلا مواطأة ، ولم يعتبر آخرون ذلك ، بل اعتبروا مجرد التوافق .
قلت : هذا الثاني هو الأصح . وقول الشيخ أبي محمد هنا ضعيف . والله أعلم .
وإذا عرفت هذه المقدمة ، فلو أو على ألف ، فقال : أردنا الدنانير أو الدراهم فقالت : أردنا الفلوس ، فالصحيح أنهما يتحالفان . تخالعا بألف درهم وأطلقا ، فقال الزوج : أردنا بالدراهم النقرة ، فقالت : بل أردنا بها الفلوس
وقيل : يجب مهر المثل بلا تحالف .
فلو توافقا على أنه أراد النقرة ، وادعت أنها أرادت الفلوس وقال : بل أردت النقرة أيضا ، حصلت البينونة لانتظام الصيغة ومؤاخذة لها ، وتصدق هي بيمينها . فإذا حلفت ، فلا شيء عليها ؛ لأنها نفت بيمينها النقرة ، ونفى هو الفلوس .
ولو توافقا أنها أرادت الفلوس ، وقال هو : أنا أردت النقرة ، ولا فرقة للمخالفة ، فقالت : [ ص: 433 ] بل أردت الفلوس أيضا وبنت منك ، حصلت البينونة ظاهرا لاتفاق اللفظين .
وهل للزوج مهر المثل ؟ وجهان ، قال القاضي حسين : نعم للبينونة ظاهرا ، والذي اختاره : لا ، لإنكاره البينونة وعوضها . الغزالي
قلت : هذا الثاني هو الأصح ، واختاره أيضا الإمام .
قال الإمام : فإن قيل : لو صدقها بعد ذلك في اتفاق النية ، قلنا : إذ ذاك يطالبها بالمسمى المعين لا بمهر المثل . والله أعلم .
وفي معنى هذه الصورة ما إذا اتفقا على أنه أراد الدراهم ، وزعم أنها أرادت الفلوس ، ولا فرقة ، فقالت : أردت الدراهم وبنت ، فالفرقة حاصلة ، ويعود الوجهان في ثبوت شيء للزوج ، وبالثبوت قطع البغوي ، وقال : لا تحصل الفرقة باطنا إن كان صادقا .
ولو قال : أردت النقرة ولم يتعرض لجانبها ، وقالت : أردت الفلوس ولم تتعرض لجانبه ، حصلت الفرقة .
ثم عن القاضي حسين أنهما يتحالفان . وفي " البسيط " أن الوجه وجوب مهر المثل ؛ لأنه لا يدعي عليها معينا حتى تحلف .
قلت : الأصح ، وجوب مهر المثل بلا تحالف . وقد نقل الإمام الاتفاق عليه ، وجعل مخالفة القاضي في التحالف في غير هذه الصورة . والله أعلم .
ولو تحالفا . قال أحد المتخالعين : أطلقنا الدراهم . وقال الآخر : عينا نوعا
الرابعة : ، فالألف متفق عليه ، لكن اختلفا في المعوض فيتحالفان ، فإذا تحالفا ، فعليها مهر المثل . قالت : سألتك ثلاث تطليقات بألف فأجبتني ، فقال : بل سألت واحدة بألف فأجبتك
والقول في عدد الطلاق الواقع قوله بيمينه . قال [ ص: 434 ] الحناطي : ولو أقام كل واحد بينة على قوله ، فإن اتفق تاريخ البينتين ، تحالفا وإلا فالأسبق تاريخا مقدمة .
ولو ، تحالفا وعليها مهر المثل . ولو قال : طلقتك وحدك بألف ، فقالت : بل طلقتني وضرتي ، وقع الثلاث ووجب الألف ، ولا معنى لهذا الاختلاف . قالت : سألتك واحدة بألف ، فأجبتني فقال : بل طلقتك ثلاثا بألف
ولو ، فإن لم يطل الفصل ، طلقت ثلاثا ولزمها الألف ، وإن طال ولم يمكن جعله جوابا طلقت ثلاثا بإقراره وتحالفا للعوض ، وعليها مهر المثل ، هكذا نص عليه في رواية قالت : سألتك ثلاثا بألف فطلقتني طلقة ، فلك الثلث فقال : بل ثلاثا فلي الألف الربيع .
وفيما نقله أبو بكر الفارسي في " عيون المسائل " واختلف الأصحاب ، فأخذت طائفة بالنص ، وقال البغوي : يتحالفان وله مهر المثل ، ولم يفرق بين طول الفصل وعدمه .
وقال آخرون : النص مشكل في حالتي الاتصال والانفصال . قال الإمام : ينبغي أن يقال في حالة الاتصال ، إن قال الزوج : ما طلقتك من قبل ، والآن أطلقك ثلاثا على ألف ، تقع الثلاث ويجب الألف ؛ لأن الوقت وقت الجواب .
وإن جعل هذا إنشاء ؛ لأنها بانت قبله ، فيقع الثلاث بإقراره ، ولا يلزمها إلا ثلث الألف كما لو قال : إن رددت أعبدي الثلاثة ، فلك الألف ، فقال : رددتهم وقال : ما رددت إلا واحدا . قال : طلقتك من قبل ثلاثا تعذر
وأما في حال الانفصال ، فيحكم بوقوع الثلاث بإقراره وعليها ثلث الألف ، ولا معنى للتحالف ؛ لأن التحالف عند الاختلاف في صفة العقد أو العوض ، [ وهما ] هنا متفقان على أن المسئول ثلاث ، وأن العوض ألف ، [ ص: 435 ] وللزوج أن يحلفها على نفي العلم أنه ما طلقها ثلاثا ، وهذا صحيح وليتأول النص عليه بحسب الإمكان .
فرع
قال الحناطي : ، تحالفا وله مهر المثل . قالت : طلقتني ثلاثا بألف فقال : بل طلقتك واحدة بألفين وأقام كل واحد بينة بقوله ، واتفقا أنه لم يطلق إلا مرة
الخامسة : ، لم ينفعها هذا الجواب لأن الضمان لا يقطع الطلب عنها ، وكذا لو تخالعا بألف فطالبها به ، فقالت : ضمنه زيد ، وهي في الصورتين مقرة بالألف . قالت : قبلت الخلع على أن يزن زيد عني الألف
ولو ، ففيه خلاف مبني على بيع الدين ، وحاصله أربعة أوجه . قالت : قبلت الخلع بألف لي في ذمة زيد
أصحهما : التحالف بناء على صحة بيع الدين ، والثاني : يجب مهر المثل بلا تحالف ، بناء على منعه ، والثالث : تصدق هي بيمينها ، والرابع : هو بيمينه ، نقلهما المتولي بناء على منعه ، وهما الوجهان في الاختلاف في صحة العقد وفساده .
فرع
، بانت باعترافه ولا شيء عليها ، ولا على الأجنبي . ولو قالت : اختلعت بوكالة زيد وأضفت إليه ، فهل يتحالفان أم تصدق هي أم هو ؟ فيه أوجه ، أصحهما : الأول . قال : خالعتك ، فقالت : اختلعني أجنبي لنفسه بماله
ولو قالت : لم أضف ولكن نويت الاختلاع لزيد ، فإن قلنا : تتوجه المطالبة على الوكيل ، [ ص: 436 ] لم ينقطع طلب الزوج بقولها ، وكذا لو أنكر أصل الوكالة .
وإن قلنا : لا يطالب ، فهل يتحالفان ، أم تصدق هي ، أم هو ؟ فيه الأوجه .
السادسة : ، فانفسخ النكاح والخلع لغو ، نظر إن اتفقا على جريان الإرضاع يوم الجمعة مثلا وادعى تقدم الخلع ، وادعت تأخره ، فالقول قولها بيمينها ، وإن اتفقا على جريان الخلع يوم الجمعة ، وادعى تأخر الإرضاع ، وادعت تقدمه ، فالقول قوله بيمينه ؛ لأن الأصل استمرار النكاح ، ولأن اشتغالهما بالخلع يدل ظاهرا على بقاء النكاح ، كما لو تخالعا ، ثم ادعت أنه طلقها قبل الخلع ثلاثا ، أو ادعت إقراره بفساد النكاح فأنكر ، فإنه يصدق بيمينه وتستمر صحة الخلع . طلقها بألف وأرضعت بنتها زوجة أخرى له صغيرة واختلف المتخالعان ، فقال الزوج : سبق الخلع فعليك المال ، وقالت : بل سبق الإرضاع
السابعة : ، لم يقبل قوله في الظاهر ، وعليه رد المال لاعترافه . ولو ادعت الإكراه ، فأنكر ، صدق بيمينه ، ولزمها المال . تخالعا ثم قال هو : كنت مكرهة ، فلي الرجعة فأنكرت الإكراه
فلو أقامت بينة بالإكراه ، لزمه رد المال ولا رجعة لاعترافه بالبينونة ، فلو لم يصرح بالإنكار ، أو سكت ، أو كانت الخصومة مع وكيله ، فله الرجعة ، إذ أقامت البينة .