الطرف الثالث : في تعليقها بزمان وفيه مسائل .
الأولى : ، لم يصح ، ولم يلزم الطلاق ؛ لأنه سلم في الطلاق والطلاق لا يثبت في الذمة . قالت : طلقني غدا ولك علي ألف ، أو إن طلقتني غدا فلك علي ألف ، أو قالت : خذ هذا الألف على أن تطلقني غدا فأخذه
ثم إن طلقها في الغد أو قبله ، وقع الطلاق بائنا ولزمها المال ؛ لأنه إن طلق في الغد ، فقد حصل مقصودها .
وإن طلق قبله ، فقد زادها كما لو سألت طلقة فطلق ثلاثا . فلو قال : أردت الابتداء ، صدق بيمينه وله الرجعة ، وفي المال الواجب طريقان .
المذهب والمنصوص : مهر المثل . والثاني : قولان . ثانيهما : المسمى . [ ص: 425 ] وهل يفرق بين أن يطلقها عالما ببطلان ما جرى ، وبين تطليقها جاهلا ببطلانه ؟ قال القاضي حسين والبغوي : يفرق ولا يلزمها شيء إذا طلقها عالما ، بل يقع رجعيا ، وضعفه الإمام ، واستشهد بالخلع على الخمر وسائر الأعواض الفاسدة ، فإنه لا فرق في ثبوت المال بين العلم والجهل .
وإن طلقها بعد مضي الغد ، نفذ رجعيا ؛ لأنه خالف قولها ، فكان مبتدئا ، فإن ذكر مالا ، اشترط في وقوعه القبول .
الثانية : ، أو قالت : خذ هذا الألف على أن تطلقني في هذا الشهر متى شئت ، فهو باطل وأولى بالبطلان من مسألة الغد ، فإن طلقها بعد الشهر كان مبتدئا ، وإن طلقها في الشهر ، وقع الطلاق بائنا . وفي المال الواجب الطريقان . قالت : لك ألف إن طلقتني في هذا الشهر ولم تؤخر تطليقي عنه
ولا يشترط وقوع الطلاق في المجلس ، وقد ذكرنا في الباب الأول ، وفي الطرف الأول من هذا الباب ، أنها إذا قالت : متى طلقتني فلك ألف يشترط التطليق في المجلس .
وللأصحاب طريقان حكاهما الإمام ، أحدهما : طرد القولين فيهما ، والمذهب : الفرق ؛ لأن كلمة " متى " ظاهر في جواز التأخر ، لكن قرينة العوض خصتها بالمجلس عملا بقاعدة المعاوضات ، وهنا صرحت بجواز التأخير ، فضعفت القرينة عن مقاومة الصريح على طريقة التسوية : هي اشتراط المجلس وعدمه ، والمسمى صحيح في تلك الصورة بلا خلاف .
الثالثة : كذلك ، وقع الطلاق مؤبدا ، وفي قدر المال الواجب [ ص: 426 ] الطريقان ، وطريقة القطع هنا أظهر ؛ لأن الشرط هنا لا يمكن الوفاء به ، وفساد الشرط يوجب الجهل بالعوض ، فيتعين مهر المثل . قالت : طلقني بألف طلاقا يمتد تحريمه إلى شهر ، ثم أكون في نكاحك حلالا لك ، فطلقها
الرابعة : علق طلاقها بصفة وذكر عوضا ، أو سألته ، فقال : طلقتك إذا جاء غد ، أو رأس الشهر أو دخلت الدار على ألف ، فقبلت ، فالصحيح وقوع الطلاق عند وجود المعلق عليه على مقتضى التعليق . فقالت : علق طلاقي برأس الشهر ، أو بدخول الدار على ألف فعلق
وقيل : لا يقع لأن المعاوضة لا تقبل التعليق ، فيمتنع ثبوت المال . وإذا لم يثبت ، لم تطلق لارتباطه ، فإن قلنا بالصحيح ، اشترط القبول على الاتصال ، قال القفال : ويحتمل أنها تخير بين القبول في الحال ، أو عند وجود الصفة ، والمعروف الأول .
ثم الواجب المسمى أم مهر المثل ؟ وجهان . وقيل : قولان ، أصحهما عند الجمهور : الأول ، ويجري الخلاف فيما إذا قالت : إذا جاء رأس الشهر وطلقتني ، فلك ألف فطلقها عند رأس الشهر إجابة لها .
وقيل : إن ابتدأ الزوج بالتعليق ، وجب المسمى ، وإن ابتدأت بالسؤال ، فمهر المثل . وإذا أثبتنا المسمى ، فمتى يجب ويلزم تسليمه ؟ فيه أوجه .
أصحها : في الحال ، واختاره ابن الصباغ ؛ لأن الأعواض المطلقة يلزم تسليمها في الحال ، والمعوض تأخر بالتراضي . فإن تعذر تسليم المعوض ، بأن فارقها قبل وجود المعلق عليه ، لزم رد العوض كما لو تعذر تسليم المسلم فيه .
والثاني : يجب في الحال ، لكن لا يلزم تسليمه إلا عند وجود المعلق عليه لتأخر المعوض .
[ ص: 427 ] والثالث : لا يجب إلا عند البينونة ، ولا شك أنه لا رجوع لها قبل القبول . فأما إذا ، وهما الصورتان السابقتان في المسألة الأولى ، فلها الرجوع قبل التطليق ؛ لأن الجواب به يحصل وما يستحقه الزوج هناك يستحقه عند التطليق . قالت : طلقني غدا ولك ألف ، أو إن طلقتني غدا ، فلك ألف