مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
nindex.php?page=treesubj&link=25850_1818ولو كانوا مولين للمشركين أدبارهم غير متحرفين لقتال ولا متحيزين إلى فئة وكانوا يومئون أعادوا لأنهم حينئذ عاصون ، والرخصة لا تكون لعاص .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، وأصل هذه المسألة أن الله تعالى كان قد أوجب في أول الإسلام على كل رجل من المسلمين أن يقاتل عشرة من المشركين فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا فلما كثر المسلمون نسخ الله تعالى ذلك وخففه عنهم وأوجب على كل واحد منهم أن يقاتل اثنين
[ ص: 477 ] من المشركين فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين [ الأنفال : 66 ] .
وإن كان المسلمون في وجه العدو فانهزموا من أكثر من مثليهم جاز لهم أن يصلوا صلاة الخوف ، وإن انهزموا من مثلهم فما دون نظر في حالهم ، فإن انهزموا ليتحرفوا لقتال أو يتحيزوا إلى فئة جاز لهم أن يصلوا صلاة شدة الخوف ، وإن انهزموا غير متحرفين لقتال ولا متحيزين إلى فئة لم يكن لهم أن يصلوا صلاة الخوف ؛ لأنهم عاصون قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله [ الأنفال : 16 ] . ولا فرق في الفئة التي تنحاز إليها بين أن تكون بعيدة أو قريبة فقد روي عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أنه قال لأصحابه حين انهزموا من
العراق : أنا فئة كل مسلم .
واختلف أصحابنا في حكمهم إذا لم يطيقوا قتال مثليهم ، هل يجوز أن يولوا من غير أن يتحرفوا لقتال أو يتحيزوا إلى فئة على وجهين :
أحدهما : يجوز لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ البقرة : 286 ] .
والثاني : لا يجوز ؛ لأن لهم طريقا إلى ما لا يجوز ، إذ لا يعدم الانحياز إلى فئة قربت أم بعدت واعتمد
الشافعي على نص القرآن في ذلك ، وقال
أبو حنيفة : كان هذان الحكمان في ابتداء الأمر ثم نسخا معا وعليهم أن يقاتلوا ما أمكن .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "
nindex.php?page=treesubj&link=25850_1818وَلَوْ كَانُوا مُوَلِّينَ لِلْمُشْرِكِينَ أَدْبَارَهُمْ غَيْرَ مُتَحَرِّفِينَ لِقِتَالٍ وَلَا مُتَحَيِّزِينَ إِلَى فِئَةٍ وَكَانُوا يُومِئُونَ أَعَادُوا لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ عَاصُونَ ، وَالرُّخْصَةُ لَا تَكُونُ لِعَاصٍ .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا صَحِيحٌ ، وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ قَدْ أَوْجَبَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَاتِلَ عَشَرَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ نَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ وَخَفَّفَهُ عَنْهُمْ وَأَوْجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يُقَاتِلَ اثْنَيْنِ
[ ص: 477 ] مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [ الْأَنْفَالِ : 66 ] .
وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ فَانْهَزَمُوا مِنْ أَكْثَرَ مِنْ مِثْلَيْهِمْ جَازَ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ ، وَإِنِ انْهَزَمُوا مِنْ مِثْلِهِمْ فَمَا دُونَ نُظِرَ فِي حَالِهِمْ ، فَإِنِ انْهَزَمُوا لِيَتَحَرَّفُوا لِقِتَالٍ أَوْ يَتَحَيَّزُوا إِلَى فِئَةٍ جَازَ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ ، وَإِنِ انْهَزَمُوا غَيْرَ مُتَحَرِّفِينَ لِقِتَالٍ وَلَا مُتَحَيِّزِينَ إِلَى فِئَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ ؛ لِأَنَّهُمْ عَاصُونَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ [ الْأَنْفَالِ : 16 ] . وَلَا فَرْقَ فِي الْفِئَةِ الَّتِي تَنْحَازُ إِلَيْهَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بَعِيدَةً أَوْ قَرِيبَةً فَقَدْ رُوِيَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ حِينَ انْهَزَمُوا مِنَ
الْعِرَاقِ : أَنَا فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ .
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي حُكْمِهِمْ إِذَا لَمْ يُطِيقُوا قِتَالَ مِثْلَيْهِمْ ، هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُوَلُّوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَحَرَّفُوا لِقِتَالٍ أَوْ يَتَحَيَّزُوا إِلَى فِئَةٍ عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [ الْبَقَرَةِ : 286 ] .
وَالثَّانِي : لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ لَهُمْ طَرِيقًا إِلَى مَا لَا يَجُوزُ ، إِذْ لَا يُعْدَمُ الِانْحِيَازُ إِلَى فِئَةٍ قَرُبَتْ أَمْ بَعُدَتْ وَاعْتَمَدَ
الشَّافِعِيُّ عَلَى نَصِّ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ ، وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : كَانَ هَذَانِ الْحُكْمَانِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَا مَعًا وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَا أَمْكَنَ .