مسألة : قال الشافعي : " فمهرها عليه ولا يرجع على الأب بشيء لأنه لم يضمن له شيئا وله عليها الرجعة " . ولو قال له أبو امرأته طلقها وأنت بريء من صداقها فطلقها
قال الماوردي : اعلم أن ينقسم ثلاثة أقسام : مخالفة الزوج مع أبي الزوجة
أحدها : أن يخالعه عنها بماله فيقول له : طلق بنتي بألف لك علي أو بهذا العبد الذي لي ، فهذا خلع جائز لو فعله الزوج من غير الأب من الأجانب جاز فكان الأب أجوز ، فإذا طلقها وجب له على الأب ما بذله .
والقسم الثاني : أن يخالعه الأب على مالها ، كأنه قال للزوج : طلقها بألف عليها أو على هذا العبد الذي لها ، فإن كان ذلك بأمرها وهي جائزة الأمر ، كان الأب وكيلا في الخلع ، صح خلعه ، كما يصح خلع الوكيل على ما سنذكره .
وإن كان ذلك بغير أمرها فالخلع باطل ، سواء كانت جائزة الأمر أو محجورا عليها : لأنه مع رشدها لا يجوز له التصرف في مالها ، ومع الحجر عليها يتصرف في حفظه دون [ ص: 72 ] إتلافه في الخلع بمالها فرد كما ترد هباته وإذا كان كذلك لم يخل طلاق الزوج من أحد أمرين .
إما أن يكون ناجزا أو مقيدا ، فإن كان ناجزا وقع رجعيا ولا شيء على الزوجة ، لأنها لم تخالعه ولا على الأب ، لأنه لم يضمنه ، وإن كان الطلاق مقيدا كأنه قال : قد طلقتها على هذا العبد الذي لها فطلاقه لا يقع ، لأنه جعل وقوعه مقابلا لتملك العبد ، فإذا لم يملك العبد لم يوجد شرط الطلاق فلم يقع .
والقسم الثالث : أن يخالعه الأب على صداقها فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون بعد الدخول فالخلع عليه باطل ، لأن صداقها كسائر أموالها ليس للأب أن يبرئ منه ، كما لا يبرئ من غيره سواء قيل إنه الذي بيده عقد النكاح أم لا ، لأن الأب وإن جعل بيده عقدة النكاح ، فليس له الإبراء من الصداق بعد الدخول .
والضرب الثاني : أن يخالعه بصداقها قبل الدخول .
فإن قيل : إنه لا يملك عقدة النكاح ، فالخلع باطل ، والكلام في وقوع الطلاق على ما مضى من كونه ناجزا أو مقيدا .
وإن قيل : إنه الذي بيده عقدة النكاح ، وإنه يملك إبراء الزوج من صداق بنته البكر إذا طلقت قبل الدخول ففي جواز مخالعته للزوج على صداقها وجهان :
أحدهما : يجوز لأنه لما جاز أن يبرئه بغير خلع ولا معاوضة كان أولى أن يبرئه بخلع ومعاوضة .
والوجه الثاني : وهو أظهر أنه لا يجوز خلعه وإن جاز إبراؤه لأمرين :
أحدهما : أنه جوز له الإبراء بعد الطلاق ، وهذا قبل الطلاق .
والثاني : أن الإبراء لا يسقط به حقها من السكنى والنفقة والخلع مسقط لحقها من نفقة الزوجية وسكناها .
والثالث : أن الإبراء ندب إليه لما فيه من ترغيب الخطاب فيها ، والخلع منفر عنها فافترق الإبراء والخلع من هذه الوجوه الثلاثة ، فلذلك جاز إبراؤه ولم يجز خلعه .