[ ص: 227 ] تنبيه : قد يكون المال المفروض أقل وخطؤه أكثر ، وقد يكون أكثر ، وخطؤه أقل ، وحينئذ نقول : الخطآن لا يخلوان إما أن يكونا ناقصين ، أو زائدين ، أو أحدهما ناقص ، والآخر زائد ، فإذا كانا ناقصين فالمالان المفروضان إما أن يكونا أقل من الصواب ، أو أكثر ، وفي القسمين تضرب فاضل العددين في أصغر الخطأين وتقسم على تفاضلهما ، فما خرج زيد على المفروض إن كان المفروضان أقل من الصواب ، ونقص من أصغر المفروضين إن كان أكثر من الصواب ، أو تضرب بفاضل العددين في أصغر الخطأين ، وتقسم على تفاضلهما ، فما خرج زيد على المفروض الأكبر إن كان المفروضان أقل من الصواب ، ونقص من أصغر المفروضين إن كان أكثر من الصواب ، ولا يجوز أن يكون أحد المفروضين ناقصا ، والآخر زائدا ; لأنه إذا كانت العلة - في كون الخطأ ناقصا - كون المفروض دون الصواب استحال أن يكون المفروض دون الصواب علة في كون الخطأ زائدا ; لأنه يلزم أن توجب العلة الواحدة أمرين متضادين وهو محال .
فإن كان الخطآن زائدين فالمفروضان إما أكثر من الصواب ، أو أقل منه ، وفي القسمين يجب ضرب العددين المفروضين في أعظم الخطأين ، ويقسم المبلغ على تفاضلهما ، فما خرج نقص من أصغر المفروضين إن كان أكثر من الصواب ، وإن كان أقل زيد الخارج على أكثرهما ، ولا يجوز أن يكون أحد المفروضين زائدا والآخر ناقصا لما تقدم .
وإن كان أحد الخطأين زائدا والآخر ناقصا ، فيمتنع أن يكون المفروضان من جنس واحد ; لأن الشيء الواحد يمتنع أن يوجب المتضادين ، بل يجب أن يكون أحدهما مخالفا للآخر ، بأن يكون أحدهما أكثر من الصواب وخطؤه زائد ، والآخر أقل وخطؤه ناقص ، فتضرب بفاضل العددين في الناقص من الخطأين ، وتقسم المجموع على مجموعهما ، فما خرج زيد على أقل المفروضين ، أو تضرب بفاضل العددين في الزائد من الخطأين ، وتقسم على مجموعهما فما خرج نقص من أعظم المفروضين .
[ ص: 228 ] فإن كان أحد المفروضين أقل من الصواب وخطؤه زائد ، والآخر أكثر من الصواب وخطؤه ناقص ، فتضرب بفاضل العددين في الناقص من الخطأين ، وتقسم المبلغ على مجموعهما فما خرج نقص من أعظم المفروضين ، أو تضرب بفاضل العددين في الزائد من الخطأين ، وتقسم على مجموعهما فما خرج زيد على أصغر المفروضين ، ولا يقال في هذا الفصل : أصغر الخطأين ، وأعظمهما ; لأنه قد يكون أقل ، أو أكثر ، أو مساويا ، كقولك : نريد عددا إن نقص ربعه بقي خمسة عشر ، فتفرضه ستة عشر يبقى اثنا عشر والخطأ ثلاثة ناقصة ، أو ثمانية وعشرون يبقى أحد وعشرون ، والخطأ ستة زائدة ، فجاء هاهنا الزائد أعظم ، أو اثنين وعشرين تبقى ستة عشر ونصف ، والخطأ واحد ونصف زائد ، فجاء هاهنا الناقص أعظم ، أو الثاني أربعة وعشرون ، تبقى ثمانية عشر والخطأ ثلاثة زائدة ، فقد تساوى الخطآن ، وهذه العوارض مأمونة في الوجهين الأولين ، وطرق العمل بالخطأ كثيرة ، غير أن بعضها أيسر ، وبعضها أعسر .
ووقع لبعض الأندلسيين أن الصواب يخرج من خطأين ، وثلاثة ، وأكثر إذا وقع التغير في العدد المطلوب بأن يعطف عليه أو يستثنى منه ، وهذه بحار من الرياضات ، منها ما أحاطت بها الأفكار ، ومنها ما لا يعلمه إلا الله سبحانه ، فسبحان من يعلم ما لا يتناهى على التفصيل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .