النوع الثاني : الهبة
وأذكر منها خمس مسائل دورية ، في كل واحدة دور
الأولى : قال التونسي : إن ، ثم وهبها الموهوب في مرضه للواهب ، ولا مال له غيرها ، فالجائز الثلث ، قال وهب مريض لمريض ضيعة لا مال له غيرها ابن القاسم : تقسم من تسعة ، ثلاثة للموهوب له أولا ، وهو ثلثها ، يرد منها واحد للموهوب له ثانيا ; لأنه ثلث الثلاثة ، وهذا السهم يلزم منه الدور ; لأنك إذا أعطيته لورثة الأول كثر ثلثه ، ويرجع عليهم ورثة الثاني في ثلثه كمال مجرد ; لأن هبة البتل تدخل فيما علم وما لم يعلم ، ثم يقوم عليهم ورثة الأول في ثلث ثلثه فيدور هكذا أبدا ، ولما كان كذلك سقط من الورثتين ، ويكون المال ثمانية ، ستة لورثة الأول واثنان لورثة الثاني ، وهذا كلام التونسي .
وطريق الجبر أن تقول : صحت الهبة من الأول في شيء من العبد فبقي عبد إلا شيئا ، وصحت هبة الثاني في ثلث ذلك الشيء ، فيرجع إلى الأول ثلث شيء فيحصل معه عبد إلا ثلثي شيء ، وذلك يعدل ضعف ما صحت الهبة الأولى فيه ، وهو شيء ، وضعفه شيئان ، فيجبر العبد بثلثي شيء ، وتزيد على عديله ثلثي [ ص: 209 ] شيء ، فيصير عبدا كاملا قبالة شيئين ، وثلثي شيء ، فتبسطها أثلاثا ، وتقلب وتحول ، فالعبد ثمانية ، والشيء ثلاثة ، فقد وقعت الهبة في ثلاثة أثمان العبد أولا ، وبطلت في خمسة أثمانه ، وتصح الهبة الثانية في ثلث ثلاثة الأثمان ، وهو ثمن واحد فيجتمع مع ورثة الأول ستة أثمان ، وهو ضعف ما صحت هبته فيه ، وللمريض الثاني ثمنان ، وصحت هبته في ثمن ، فاعتدل البرهان ثلثا وثلثين .
طريقة الدينار ، والدرهم : تجعل العبد دينارا ودرهما ، وتجبر الهبة في درهم منه ، وترجع بهبة الثاني ثلث درهم ، فيحصل مع الأول دينار وثلث درهم يعدل درهمين ، فتطرح ثلث درهم بثلث يبقى دينار يعدل درهما وثلثي درهم ، فتبسطها أثلاثا فيصير الدينار ثلاثة والدرهم والثلثان خمسة ، فتقلب العبارة وتجعل الدينار خمسة والدرهم في الوضع الأول ثلاثة ، وقد صحت الهبة في درهم وهو ثلاثة من ثمانية ، ويعود العمل إلى ما تقدم ، وسر الباب أنا لا نعبر عما صحت الهبة الأولى فيه إلا بالشيء المبهم ، ونعبر عما صحت الهبة الثانية فيه بالثلث ، والسبب فيه أنه قد يدور للواهب شيء بعد هبته ، وجهل مقدار منزعه إلى أن يثبته الجبر .