المسألة الثانية : من المفترقات
أموال وعدد يعدل أشياء مال المال ومال الشيء ، فالطريق بعد رد الأموال بالنقص والإكمال إلى مال واحد أن تفعل بالعدد والأشياء مثل ما فعل بالأموال أن تربع نصف عدد الأشياء ، فإن كان مثل العدد فالمال مثل العدد ، والشيء نصف عدد الأشياء ، وإن لم يكن مثله أسقطت العدد من مربع نصف عدد الأشياء وأخذت جذر الباقي ، فإن شئت زدته على نصف عدد الأشياء ، وإن شئت نقصته منه فما كان فهو الشيء ، مثاله نصف مال وثلاثة دراهم يعدل شيئين ونصفا ، فإذا أكملت المال مالا ، وفعلت بالأشياء والعدد ما فعلت به ورجع إلى مال وستة دراهم تعدل خمسة أشياء ، تربع نصف عدد الأشياء يكون ستة وربعا ، تسقط منه العدد ، يبقى ربع ، تأخذ جذره يكون نصفا ، إن شئت زدته على نصف عدد الأجذار يكون الشيء ثلاثة ، وإن شئت نقصته منه يكن الشيء اثنين ولا يكون العدد أعظم من مربع نصف عدد الأشياء فإنه يستحيل ، والعلة في هذا العمل أن بعض الأشياء يقابل المال وهو ما عدده كعدد ما في الشيء من الآحاد ، والباقي يقابل العدد ، فإن كان العدد والمال متساويين ، فنصف الأشياء يقابل هذا ، والنصف يقابل هذا ، ومربع نصف عدد الأشياء مساو لكل واحد من المال أو العدد ، وإن لم يكن المال والعدد متساويين فما يقابل أحدهما من عدد الأشياء أعظم مما يقابل الآخر فقد انقسم عدد الأشياء بقسمين مختلفين ، وضرب أحدهما في الآخر هو العدد ، لأن العدد مساو لضرب الشيء في عدد مقابل العدد من [ ص: 183 ] الأشياء ، وذلك ينقص من مربع نصف عدد الأشياء بمربع الفصل بين أحد قسمي الأشياء وبين نصف عدد الأشياء ، فإذا أسقطت العدد من مربع نصف عدد الأشياء ( فجذر الباقي إن زدته على نصف عدد الأشياء ) فهو القسم الأعظم من الأشياء ، وإن نقصته منه فهو القسم الأصغر ، فقد ظهر أنك إن شئت زدت جذر الباقي على نصف عدد الأشياء ، وإن شئت نقصته منه ، وأن العدد لا يكون أعظم من مربع الأشياء ، وأن معنى قولنا مال واحد وعشرون من العدد يعدلان عشرة أجذار مال مثلا ، أنه مال إذا زيد عليه أحد وعشرون درهما كان المبلغ مثل عشرة أجذار ذلك المال ، وأن المسألة قد تكون موضوعة وضعا يتأتى بالزيادة والنقصان وقد لا تأتي إلا بأحدهما بحسب الوضع ، ويحتاج الواضع إلى وضع العدد المضمون إلى المال على وجه تنتظم فيه معادلة المال والعدد الموضوع معه بعدد جذوره ، وهذا إنما يتأتى بأن يفرض الواضع مالا في نفسه مجذورا ويقدر له جذورا ويعرف مبلغها ، ثم يضم إلى المال عددا يقابل ذلك المبلغ .
ومن وضع عددا إذا ضربنا نصف نصف الأجذار في مثله كان مبلغه أقل من العدد المذكور مع المال استحالت المسألة ، ومتى كان المبلغ مثل العدد فالجذر مثل نصف عدد الأجذار ، ولك طريق آخر ، فإذا قيل لك مال واحد وعشرون درهما يعدل عشرة أجذار أن تضرب الأموال في العدد وتحفظه ، وتنصف الأجذار وتضربها في نفسها وتطرحه من العدد المحفوظ وتأخذ جذر الباقي ، فما كان ، فإن شئت احمله على نصف عدد الأشياء واقسم ذلك على عدد الأموال ، فما خرج فهو الجذر ، والمال ضربه في نفسه ، وهو في هذه المسألة بالزيادة سبعة ، وبالنقصان ثلاثة ، والمال بالزيادة تسعة وأربعون ، وبالنقصان تسعة ، وإن أردت الامتحان بالزيادة فقد علمت أن المال تسعة وأربعون ، فإذا حملت عليها الواحد وعشرين التي ذكر كان سبعين ، وهو مثل عشرة الأجذار ، لأن الجذر ( سبعة [ ص: 184 ] وامتحانها بالنقصان ، فالمال تسعة إن حملت عليها الواحد والعشرين كان ثلاثين ، وهي مثل العشرة الأجذار ، لأن الجذر ) ثلاثة ، وطريق آخر : تضرب نصف عدد الأجذار في نفسه وتنقص منه قدر العدد الذي مع المال ، ويؤخذ جذر الثاني فينقص من نصف عدد الجذور ، فما بقي فهو جذر المال والمال متركب منه ، فإن كان الخارج من ضرب نصف عدد الجذور في نفسه قدر العدد فالمال قدر العدد ، أو أقل منه فالسؤال مستحيل .
مثال الأول مال وستة عشر من العدد يعدل عشرة أجذار ، تضرب نصف عدد الجذور في نفسه يبلغ خمسة وعشرين ، تنقص منها ستة عشر وهو العدد ، يبقى تسعة ، جذر ها ثلاثة ، تنقص من نصف عدد الجذور وهو خمسة يبقى اثنان ، وهو جذر المال ، والمال أربعة ، وإن زدت الثلاثة على نصف الأجذار وهي خمسة صارت ثمانية وهو جذر المال أيضا والمال أربعة وستون .
وبرهانه بشكل يدرك بالحس من الهندسة فنقول : تجعل المال سطحا مربعا متساوي الأضلاع والزوايا ، كل ضلع من أضلاعه جذر ه عليه أ ب ج د ، وتصل طرف ضلع د ب بخط ب هـ ، ثم تضرب خط ب هـ في خط ب أ وهو مثل ب د فيتركب منه سطح ب ر فتجعله العدد الذي مع المال وهو ستة عشر فمجموع سطح د و أ هـ عشرة أجذار المال ، لأنه قال في السؤال مال وستة عشر يعدل عشرة أجذار ، وقد تركب مجموعة من طرف خط د هـ في خط د ج ، ومعلوم أن خط د ج جذر المال ، فخط د هـ عشرة أجذار ضرورة تركب سطح عشرة أجذار منه ، إذ لا يتركب إلا من ضرب جذور في عدد ، فيقسم خط [ ص: 185 ] د هـ بنصفين على نقطة ( ح ) ، ثم تضرب أحد النصفين في نفسه وهو خط د ح فيتركب منه سطح د ع ، جملته خمسة وعشرون من العدد ، ومعلوم أن جميع هذا السطح الذي جملته خمسة وعشرون هو من ضرب ح د في نفسه مثل الخارج من ضرب هـ ب في ب د ، و ج ب في نفسه ، لأن خط هـ د قد قسم بنصفين ، ثم قسم بقسمين مختلفين ، وكل خط قسم كذلك فإن ضرب القسم الأطول في القسم الأقصر وفضل نصف الخط عن القسم الأقصر في نفسه ، مثل ضرب بنصف الخط في نفسه ، ومعلوم أن ضرب القسم الأطول وهو خط ب هـ في الأقصر وهو خط ب د الذي هو مثل خط ب أ ستة عشر من العدد كما تقرر ، فيبقى من مساواة سطح د ع الذي هو خمسة وعشرون خط ج ب في نفسه فيكون تسعة ، فخط ج ب إذا ثلاثة ، فإذا أسقط من خط ج د الذي هو خمسة ، بقي خط ب د اثنين ، فهو جذر المال والمال أربعة ، فهذا معنى قولنا تضرب نصف عدد الأجذار في نفسه وهو خط ج ب فيكون خمسة وعشرين ، وهو سطح ج ك فتسقط الستة عشر فتبقى تسعة وهو سطح أ ع ، فجذر ذلك ثلاثة وهو خط ر أ و ج ب مثله ، فتسقط من نصف عدد الجذور وهو خط ج د فيبقى اثنان وهو خط ب د فهو جذر المال والمال أربعة .
وأما إذا كان العدد الذي مع المال يساوي الخارج من ضرب نصف عدد الجذور في نفسه فالمال قدر ذلك العدد ، مثاله مال وستة عشر من العدد يعدل ثمانية أجذار ، فإن ضرب أربعة في أربعة ستة عشر فهو قدر المال ، فيكون المال ستة عشر ، ومثال الناقص مال وستة عشر من العدد يعدل ستة أجذار ، وهو متعذر مستحيل .