[ ص: 191 - 192 ] قال : ( ومن فقد أحرم ) لقوله عليه الصلاة والسلام : { قلد بدنة تطوعا أو نذرا أو جزاء صيد أو شيئا من الأشياء وتوجه معها يريد الحج }ولأن سوق الهدي في معنى التلبية في إظهار الإجابة لأنه لا يفعله إلا من يريد الحج أو العمرة ، وإظهار الإجابة قد يكون بالفعل كما يكون بالقول [ ص: 193 ] فيصير به محرما لاتصال النية بفعل هو من خصائص الإحرام . من قلد بدنة فقد أحرم أن يربط على عنق بدنته قطعة نعل أو عروة مزادة أو لحاء [ ص: 194 ] شجرة ( فإن قلدها وبعث بها ولم يسقها لم يصر محرما ) لما روي { وصفة التقليد رضي الله عنهاأنها قالت : كنت أفتل قلائد هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام فبعث بها وأقام في أهله حلالا عائشة }( فإن توجه بعد ذلك لم يصر محرما حتى يلحقها ) لأن عند التوجه إذا لم يكن بين يديه هدي يسوقه لم يوجد منه إلا مجرد النية وبمجرد النية لا يصير محرما ( فإذا أدركها وساق أو أدركها فقد تفرقت نيته بعمل هو من خصائص الإحرام فيصير محرما ) كما لو ساقها في الابتداء . قال . ( إلا في بدنة المتعة فإنه محرم حين توجه ) معناه إذا نوى الإحرام وهذا استحسان وجه القياس فيه ما ذكرنا ، ووجه الاستحسان أن هذا الهدي مشروع على الابتداء نسكا من مناسك الحج وضعا لأنه مختص عن بمكة ويجب شكرا للجمع بين أداء النسكين ، وغيره قد يجب بالجناية وإن لم يصل إلى مكة فلهذا اكتفي فيه بالتوجه وفي غيره توقف على حقيقة الفعل ( فإن لم يكن محرما ) لأن التجليل لدفع الحر والبرد والذباب فلم يكن من خصائص الحج . والإشعار مكروه عند جلل بدنة أو أشعرها أو قلد شاة رحمه الله فلا يكون [ ص: 195 ] من النسك في شيء . أبي حنيفة وعندهما إن كان حسنا فقد يفعل للمعالجة ، بخلاف التقليد لأنه يختص بالهدي . وتقليد الشاة غير معتاد وليس بسنة أيضا . قال : ( والبدن من الإبل والبقر ) وقال رحمه الله : من الإبل خاصة لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث الجمعة ، { الشافعي }فصل بينهما . ولنا أن البدنة تنبئ عن البدانة وهي الضخامة ، وقد اشتركا في هذا المعنى ، ولهذا يجزئ كل واحد منهما عن سبعة ، والصحيح من الرواية في الحديث كالمهدي جزورا ، والله تعالى أعلم بالصواب . فالمتعجل منهم كالمهدي بدنة [ ص: 196 ] والذي يليه كالمهدي بقرة