الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 325 ] nindex.php?page=treesubj&link=1045 ( ولا يصلى على ميت في مسجد جماعة ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=64929من صلى على جنازة في المسجد فلا أجر له }ولأنه بني لأداء المكتوبات ، ولأنه يحتمل تلويث المسجد ، وفيما إذا كان الميت خارج المسجد اختلاف المشايخ رحمهم الله.
الحديث التاسع : قال عليه الصلاة والسلام : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=64872nindex.php?page=treesubj&link=1045من صلى على ميت في المسجد ، فلا أجر له } ، قلت : أخرجه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36719من صلى على ميت في المسجد ، فلا شيء له } ، ولفظة nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه : فليس له شيء انتهى قال nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب : المحفوظ : فلا شيء [ ص: 326 ] له ، وروي : فلا شيء عليه ، وروي : فلا أجر له . انتهى .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : رواية : فلا أجر له ، خطأ فاحش ، والصحيح : فلا شيء له ، وصالح مولى التوأمة ، من أهل العلم ، منهم من لا يحتج به لضعفه ، ومنهم من يقبل منه ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب خاصة . انتهى .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في " مصنفه " بلفظ : فلا صلاة له ، ورواه ابن عدي في " الكامل " بلفظ أبي داود ، وعده من منكرات صالح ، ثم أسند إلى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أنه كان لا يروي عنه ، وينهى عنه ، وإلى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه قال : فيه ضعف ، وأسند عن ابن معين أنه قال فيه : ثقة ، إلا أنه اختلط قبل موته ، فمن سمع منه قبل ذلك فهو ثبت حجة ، وممن سمع منه قبل الاختلاط nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب . انتهى كلامه وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " كتاب الضعفاء " : اختلط بآخره ، ولم يتميز حديث حديثه من قديمه ، فاستحق الترك ، ثم ذكر له هذا الحديث ، وقال : إنه باطل ، وكيف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد ؟ . انتهى كلامه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : رواه جماعة عن nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة ، وهو مما يعد في أفراد صالح ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنه عليه الصلاة والسلام صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد أصح ، وصالح مولى التوأمة مختلف في عدالته ، كان nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس يجرحه .
وقال النووي : أجيب عن هذا بأجوبة : أحدها : أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : هذا حديث ضعيف ، تفرد به صالح مولى التوأمة ، وهو ضعيف والثاني : أن الذي في النسخ المشهورة المسموعة من سنن أبي داود : فلا شيء عليه ، ولا حجة فيه والثالث : أن اللام فيه ، بمعنى : على ، كقوله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7وإن أسأتم فلها }أي فعليها ، جمعا بين الأحاديث . انتهى كلامه وقال في " الخلاصة " : وقد ضعف هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=14228والخطابي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ، قالوا : وهو من أفراد مولى التوأمة ، وهو مختلف في عدالته ، ومعظم ما جرحوه به الاختلاط ، لكن قالوا : إن سماع nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب منه كان قبل الاختلاط . انتهى كلامه أحاديث الخصوم : أخرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة { عن عائشة ، لما توفي nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، قالت : أدخلوه المسجد حتى أصلي عليه ، فأنكر ذلك عليها ، [ ص: 327 ] فقالت : والله لقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد ، nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل وأخيه }. انتهى .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : صلاته عليه الصلاة والسلام على سهيل بن بيضاء في المسجد منسوخة ، وآخر الفعلين منه عليه السلام الترك ; لإنكار عامة الصحابة على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، ولو علموا خلافه لما أنكروه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : ولو كان عند nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة نسخ حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، لذكره يوم صلى على nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق رضي الله عنه في المسجد ، ويوم صلى على nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد ، ولذكره من أنكر على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أمرها بإدخاله المسجد ، أو ذكره nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة حين روت فيه الخبر ، وإنما أنكره من لم يكن له معرفة بالجواز ، فلما روت فيه الخبر سكتوا ، ولم ينكروه ، ولا عارضوه بغيره ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وقد ثبت أن أبا بكر ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر صلي عليهما في المسجد ، ومعلوم أن عامة المهاجرين والأنصار شهدوا الصلاة عليهما ، وفي تركهم الإنكار دليل على الجواز ، وإن ثبت حديث صالح ، مولى التوأمة ، فيتأول على نقصان الأجر ، أو تكون اللام ، بمعنى : على ، كقوله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7وإن أسأتم فلها }. انتهى .
وحديث أبي بكر ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن إسماعيل بن أبان الغنوي عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن عائشة ، قالت : ما ترك أبو بكر دينارا ، ولا درهما ، ودفن ليلة الثلاثاء ، وصلي عليه في المسجد ، وقال : إسماعيل الغنوي متروك ، وأخرج عن nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه صلي عليه في المسجد ، وصلى عليه nindex.php?page=showalam&ids=52صهيب . انتهى قال النووي في " الخلاصة " : سنده صحيح ، ورواهما nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق في " مصنفه " ، فقال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=17124ومعمر عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، قال : رأى رجالا يخرجون من المسجد ليصلوا على جنازة ، فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ ، والله ما صلي على أبي بكر إلا في المسجد . انتهى .
أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، قال : صلي على nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في المسجد . انتهى وهذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في " الموطأ " كما ترى .
محمد بن يزيد : الحافظ ، الكبير ، الحجة ، المفسر أبو عبد الله بن ماجه ، القزويني ، مصنف " السنن " ، و " التاريخ " و " التفسير " ، وحافظ قزوين في عصره . ولد سنة تسع ومائتين .
وسمع من : علي بن محمد الطنافسي الحافظ ، أكثر عنه ، ومن : جبارة بن المغلس ، وهو من قدماء شيوخه ، ومن : مصعب بن عبد الله [ ص: 278 ] الزبيري ، وسويد بن سعيد ، وعبد الله معاوية الجمحي ، ومحمد بن رمح ، وإبراهيم بن المنذر الحزامي ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، وهشام بن عمار ، ويزيد بن عبد الله اليمامي ، وأبي مصعب الزهري ، وبشر بن معاذ العقدي ، وحميد بن مسعدة ، وأبي حذافة السهمي ، وداود بن رشيد ، وأبي خيثمة ، وعبد الله بن ذكوان المقرئ ، وعبد الله بن عامر بن براد ، وأبي سعيد الأشج ، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم ، وعبد السلام بن عاصم الهسنجاني وعثمان بن أبي شيبة ، وخلق كثير مذكورين في " سننه " وتآليفه .
حدث عنه : محمد بن عيسى الأبهري ، وأبو الطيب أحمد بن روح البغدادي ، وأبو عمرو أحمد بن محمد بن حكيم المديني ، وأبو الحسن علي بن إبراهيم القطان ، وسليمان بن يزيد الفامي ، وآخرون .
قال القاضي أبو يعلى الخليلي : كان أبوه يزيد يعرف بماجه ، وولاؤه لربيعة .
وعن ابن ماجه ، قال : عرضت هذه " السنن " على أبي زرعة الرازي ، فنظر فيه ، وقال : أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع ، أو أكثرها . ثم قال : لعل لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا ، مما في إسناده ضعف ، أو نحو ذا . قلت : قد كان ابن ماجه حافظا ناقدا صادقا ، واسع العلم ، وإنما [ ص: 279 ] غض من رتبة " سننه " ما في الكتاب من المناكير ، وقليل من الموضوعات ، وقول أبي زرعة -إن صح- فإنما عني بثلاثين حديثا ، الأحاديث المطرحة الساقطة ، وأما الأحاديث التي لا تقوم بها حجة ، فكثيرة ، لعلها نحو الألف .
قال أبو يعلى الخليلي : هو ثقة كبير ، متفق عليه ، محتج به ، له معرفة بالحديث ، وحفظ ، ارتحل إلى العراقين ، ومكة والشام ، ومصر والري لكتب الحديث . وقال الحافظ محمد بن طاهر : رأيت لابن ماجه بمدينة قزوين " تاريخا " على الرجال والأمصار ، إلى عصره ، وفي آخره بخط صاحبه جعفر بن إدريس : مات أبو عبد الله يوم الاثنين ، ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان ، وصلى عليه أخوه أبو بكر ، وتولى دفنه أخواه أبو بكر وأبو عبد الله ، وابنه عبد الله .
قلت : مات في رمضان سنة ثلاث وسبعين ومائتين وقيل : سنة خمس والأول أصح . وعاش أربعا وستين سنة . وقع لنا رواية " سننه " بإسناد متصل عال ، وفي غضون كتابه أحاديث ، يعلها صاحبه الحافظ أبو الحسن بن القطان . [ ص: 280 ] وقد حدث ببغداد أخوه أبو محمد الحسن بن يزيد بن ماجه القزويني ، في حدود سنة ثمانين ومائتين ، إذ حج عن إسماعيل بن توبة القزويني الحافظ .
سمع منه : الحافظ أبو طالب أحمد بن نصر .
سمعت كتاب " سنن " ابن ماجه ببعلبك ، من القاضي تاج الدين عبد الخالق بن عبد السلام ومن ذلك بقراءتي نحو الثلث الأول من الكتاب . وحدثني بالكتاب كله عن الشيخ الإمام ، موفق الدين عبد الله بن قدامة ، سماعا في سنة إحدى عشرة وستمائة . وسمعته كله بحلب من أبي سعيد سنقر الزيني بسماعه من الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف ، بسماعهما من أبي زرعة المقدسي ، عن محمد بن الحسين المقومي ، عن القاسم بن أبي المنذر الخطيب ، عن أبي الحسن القطان ، عنه . وعدد كتب " سنن " ابن ماجه اثنان وثلاثون كتابا .
وقال أبو الحسن القطان : في " السنن " ألف وخمسمائة باب ، وجملة ما فيه أربعة آلاف حديث . فبالإسناد المذكور إلى ابن ماجه ، قال : حدثنا إسماعيل بن حفص ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : إذا دخل الميت القبر ، مثلت له الشمس عند غروبها ، [ ص: 281 ] فيجلس يمسح عينيه ، ويقول : دعوني أصلي أخرجه الضياء الحافظ في " المختارة " عن موفق الدين بن قدامة .