باب النفقة
قال : ( مسلمة كانت أو كافرة ، إذا سلمت نفسها إلى منزله فعليه نفقتها وكسوتها وسكناها ) والأصل في ذلك قوله تعالى: { النفقة واجبة للزوجة على زوجها لينفق ذو سعة من سعته }وقوله تعالى: { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف }وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث حجة الوداع : { }ولأن النفقة جزاء الاحتباس ، وكل من كان محبوسا بحق مقصود لغيره كانت نفقته عليه ، أصله القاضي والعامل في الصدقات ، وهذه الدلائل لا فصل فيها فتستوي فيها المسلمة والكافرة ( ويعتبر في ذلك حالهما جميعا ) قال العبد الضعيف : وهذا اختيار ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف الخصاف وعليه الفتوى . وتفسيره : أنهما إذا كانا موسرين تجب نفقة اليسار ، وإن كانا معسرين فنفقة الإعسار ، وإن كانت معسرة والزوج موسرا فنفقتها دون [ ص: 556 ] نفقة الموسرات وفوق نفقة المعسرات ، وقال رحمه الله : يعتبر حال الزوج ، وهو قول الكرخي رحمه الله لقوله تعالى: { الشافعي لينفق ذو سعة من سعته }. وجه الأول { لهند امرأة أبي سفيان : خذي من مال زوجك ما يكفيك وولدك بالمعروف }اعتبر حالها وهو الفقه ، فإن النفقة تجب بطريق الكفاية ، والفقيرة لا تفتقر إلى كفاية الموسرات ، فلا معنى للزيادة . وأما النص فنحن نقول بموجبه أنه يخاطب بقدر وسعه ، والباقي دين في ذمته ، ومعنى قوله : " بالمعروف " الوسط ، وهو الواجب ، وبه يتبين أنه لا معنى للتقدير كما يذهب إليه قوله عليه الصلاة والسلام رحمه الله أنه على الموسر مدان وعلى المعسر مد وعلى المتوسط مد ونصف مد ; لأن ما يوجب كفاية لا يتقدر شرعا في نفسه ( وإن الشافعي فلها النفقة ) ; لأنه منع بحق ، فكان فوت الاحتباس بمعنى من قبله فيجعل كلا فائت ( وإن امتنعت من تسليم نفسها ، حتى يعطيها مهرها فلا نفقة لها [ ص: 557 ] حتى تعود إلى منزله ) ; لأن فوت الاحتباس منها ، وإذا عادت جاء الاحتباس فتجب النفقة ، بخلاف ما إذا امتنعت من التمكين في بيت الزوج ; لأن الاحتباس قائم ، والزوج يقدر على الوطء كرها ( وإن نشزت فلا نفقة لها ) ; لأن امتناع الاستمتاع لمعنى فيها ; والاحتباس الموجب ما يكون وسيلة إلى مقصود مستحق بالنكاح ولم يوجد بخلاف المريضة على ما نبين . كانت صغيرة لا يستمتع بها
وقال رحمه الله : لها النفقة ; لأنها عوض عن الملك عنده كما في المملوكة بملك اليمين . ولنا أن المهر عوض عن الملك ، ولا يجتمع العوضان عن معوض واحد فلها المهر دون النفقة ( وإن الشافعي فلها النفقة من ماله ) ; لأن التسليم قد تحقق منها ، وإنما العجز من قبله ، فصار كالمجبوب والعنين . كان الزوج صغيرا لا يقدر على الوطء وهي كبيرة