[ ص: 222 ] 489 - زيد بن سعنة " توفي في غزوة تبوك " .
5147 - حدثنا ، ثنا أبي ( ح ) . أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي
وحدثنا ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا محمد بن أبي السري العسقلاني ، ثنا الوليد بن مسلم محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه ، عن جده ، عن ، قال : عبد الله بن سلام زيد بن سعنة ، قال زيد بن سعنة : ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد - صلى الله عليه وسلم - حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه ، يسبق حلمه جهله ولا تزيد شدة الجهل عليه إلا حلما ، فكنت ألطف له لأن أخالطه ، فأعرف حلمه من جهله . قال إن الله لما أراد هدى زيد بن سعنة : فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما من الحجرات ومعه رضي الله عنه ، فأتاه رجل على راحلته كالبدوي ، فقال : يا رسول الله ، إن علي بن أبي طالب بصرى قرية بني فلان قد أسلموا ، ودخلوا في الإسلام ، وكنت حدثتهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدا ، وقد أصابتهم سنة وشدة وقحوط من الغيث فأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا ، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء تعينهم به فعلت ، فنظر إلى رجل إلى جانبه أراه عليا - رضي الله عنه - ، فقال : يا رسول الله ، ما بقي منه شيء ، قال زيد بن سعنة : فدنوت إليه ، فقلت : يا محمد ، هل لك أن تبيعني تمرا معلوما من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا ؟ فقال : " لا يا يهودي ، ولكني أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا ، ولا تسمي حائط بني فلان " قلت : بلى ، فبايعني فأطلقت همياني ، فأعطيته ثمانين [ ص: 223 ] مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا ، فأعطاها الرجل ، فقال : " اغد عليهم فأعنهم بها " فقال زيد بن سعنة : فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاث ، أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه ، ونظرت إليه بوجه غليظ ، فقلت له : ألا تقضيني يا محمد حقي ؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل ، ولقد كان لي بمخالطتكم علم ، ونظرت إلى عمر ، وإذا عيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ، ثم رماني ببصره ، فقال : يا عدو الله أتقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أسمع ، وتصنع به ما أرى ، فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي رأسك ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة ، ثم قال : " يا عمر ، أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا ، أن تأمرني بحسن الأداء ، وتأمره بحسن التباعة ، اذهب به يا عمر وأعطه حقه وزده عشرين صاعا من تمر مكان ما روعته " قال زيد : فذهب بي عمر رضي الله عنه ، فأعطاني حقي ، وزادني عشرين صاعا من تمر ، فقلت : ما هذه الزيادة يا عمر ؟ فقال : أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أزيدك مكان ما روعتك ، قلت : وتعرفني يا عمر ؟ قال : لا ، من أنت ؟ قلت : أنا زيد بن سعنة ، قال : الحبر قلت : الحبر قال : فما دعاك أن فعلت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما فعلت وقلت له ما قلت ؟ قلت : يا عمر ، لم تكن من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه ، يسبق حلمه جهله ، ولا يزيده الجهل عليه إلا حلما ، فقد أخبرتهما ، فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ، وأشهدك أن شطر مالي - وإني أكثرها مالا - صدقة على أمة محمد . فقال عمر - رضي الله عنه - : أو على بعضهم ، فإنك لا تسعهم . قلت : أو على بعضهم ، فرجع عمر وزيد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال زيد : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم . وآمن به وصدقه وبايعه وشهد معه مشاهد كثيرة ، ثم توفي زيد في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر ، رحم الله زيدا .