وأما الراء الساكنة فتكون أيضا ، أولا ووسطا وآخرا وتكون في ذلك كله بعد ضم وفتح وكسر . فمثالها أولا بعد فتح ( وارزقنا . وارحمنا ) ، وبعد ضم : اركض ، وبعد كسر ( يا بني اركب ) . و أم ارتابوا . و رب ارجعون ، و الذي ارتضى ، و لمن ارتضى فالتي بعد فتح لا بد أن تقع بعد حرف عطف . والتي بعد ضم تكون بعد همزة الوصل ابتداء ، وقد تكون كذلك بعد ضم وصلا . وقد تكون بعد كسر على اختلاف بين القراء كما مثلنا به فإن قوله تعالى : بعذاب اركض يقرأ بضم التنوين قبل على قراءة نافع وابن كثير والكسائي وأبي جعفر وخلف وهشام . ويقرأ بالكسر على قراءة أبي عمرو وعاصم وحمزة ويعقوب وابن ذكوان . فهي مفخمة على كل حال لوقوعها بعد ضم ولكون الكسرة عارضة ، وكذلك أم ارتابوا . و ( يا بني اركب ) . و رب ارجعون ونحوه فتفخيمها أيضا ظاهر .
وأما قوله تعالى : وإن قيل لكم ارجعوا . و ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي ، و ياأيها الذين آمنوا اركعوا ، و الذين ارتدوا ، و تفرحون ارجع إليهم فلا تقع الكسرة قبل الراء في ذلك ونحوه إلا في الابتداء فهي أيضا في ذلك مفخمة لعروض الكسر قبلها وكون الراء في ذلك أصلها التفخيم ، وأما الراء الساكنة المتوسطة فتكون أيضا بعد فتح وضم وكسر .
فمثالها بعد الفتح برق . و خردل . و الأرض و يرجعون . و العرش . و المرجان و وردة و صرعى . فالراء مفخمة في ذلك كله لجميع القراء لم يأت عن أحد منهم خلاف في حرف من الحروف سوى ثلاث كلمات ، وهي قرية . ومريم ، و المرء فأما قرية حيث وقعت ومريم فنص على الترقيق فيهما لجميع القراء أبو عبد الله بن سفيان وأبو محمد مكي وأبو العباس المهدوي وأبو عبد الله بن شريح وأبو القاسم
[ ص: 102 ] ابن الفحام ، وغيرهم من أجل سكونها ووقوع الياء بعدها ، وقد بالغ وأبو علي الأهوازي أبو الحسن الحصري في تغليط من يقول بتفخيم ذلك فقال :
وإن سكنت والياء بعد كمريم فرقق وغلط من يفخم عن قهر
وذهب المحققون ، وجمهور أهل الأداء إلى التفخيم فيهما ، وهو الذي لا يوجد نص على أحد من الأئمة المتقدمين بخلافه ، وهو الصواب ، وعليه العمل في سائر الأمصار ، وهو القياس الصحيح . وقد غلط الحافظ وأصحابه القائلين بخلافه ، وذهب بعضهم إلى الأخذ بالترقيق أبو عمرو الداني من طريق لورش الأزرق وبالتفخيم لغيره ، وهو مذهب أبي علي بن بليمة وغيره ، والصواب المأخوذ به هو التفخيم للجميع لسكون الراء بعد فتح ، ولا أثر لوجود الياء بعدها في الترقيق ، ولا فرق بين ، وغيره في ذلك - والله أعلم - . ورش
وأما المرء من قوله تعالى : بين المرء وزوجه ، و المرء وقلبه فذكر بعضهم ترقيقها لجميع القراء من أجل كسرة الهمزة بعدها وإليه ذهب الأهوازي ، وغيره ، وذهب كثير من المغاربة إلى ترقيقها من طريق المصريين ، وهو مذهب لورش أبي بكر الأذفوي وأبي القاسم بن الفحام وزكريا بن يحيى ومحمد بن خيرون وأبي علي بن بليمة وأبي الحسن الحصري ، وهو أحد الوجهين في جامع البيان والتبصرة ، والكافي ، إلا أنه قال في التبصرة : إن المشهور عن الترقيق ، وقال ورش التفخيم أكثر وأحسن ، وقال : ابن شريح الحصري :
ولا تقرأن را المرء إلا رقيقة لدى سورة الأنفال أو قصة السحر
وقال الداني : وقد كان محمد بن علي وجماعة من أهل الأداء من أصحاب ابن هلال ، وغيره يروون عن قراءتهم ترقيق الراء في قوله بين المرء حيث وقع من أجل جرة الهمزة ، وقال : وتفخيمها أقيس لأجل الفتحة قبلها ، وبه قرأت انتهى .
والتفخيم هو الأصح والقياس ، وجميع القراء ، وهو الذي لم يذكر في الشاطبية ، والتيسير ، والكافي ، والهادي ، والهداية ، وسائر أهل الأداء سواه لورش
[ ص: 103 ] وأجمعوا على تفخيم ترميهم ، و في السرد ، و رب العرش و الأرض ونحوه ، ولا فرق بينه وبين المرء - والله أعلم - .
ومثالها بعد الضم القرآن ، ، و الفرقان ، و الغرفة ، و كرسيه ، و الخرطوم و ترجي ، و سأرهقه ، و زرتم فلا خلاف في تفخيم الراء في ذلك كله . ومثالها بعد الكسرة فرعون ، و شرعة ، و شرذمة ، و مرية ، و الفردوس ، و أم لم تنذرهم ، و أحصرتم ، و استأجره ، و أمرت ، و ( ينفطرن ) ، ( وقرن ) فأجمعوا على ترقيق الراء في ذلك كله لوقوعها ساكنة بعد كسر . فإن وقع بعدها حرف استعلاء فلا خلاف في تفخيمها من أجل حرف الاستعلاء والذي ورد منها في القرآن ساكنة بعد كسر ، وبعدها حرف استعلاء قرطاس في الأنعام و فرقة ، و إرصادا في التوبة ومرصادا في النبأ و بالمرصاد في الفجر ; وقد شذ بعضهم فحكى ترقيق ما وقع بعد حرف استعلاء من ذلك عن من طريق ورش الأزرق كما ذكره في الكافي ، وتلخيص ابن بليمة في أحد الوجهين ، وهو غلط والصواب ما عليه عمل أهل الأداء - والله أعلم - .