خاتمة : من المهم تحرير ، نحو : زيد أسد . الفرق بين الاستعارة والتشبيه المحذوف الأداة
قال في قوله تعالى : الزمخشري صم بكم عمي [ البقرة : 18 ] : فإن قلت : هل يسمى ما في الآية استعارة ، قلت : نختلف فيه ، والمحققون على تسميته تشبيها بليغا لا [ ص: 58 ] استعارة ؛ لأن المستعار له مذكور وهم المنافقون ، وإنما تطلق الاستعارة حيث يطوى ذكر المستعار له ، ويجعل الكلام خلوا عنه ، صالحا لأن يراد المنقول عنه والمنقول له ، لولا دلالة الحال أو فحوى الكلام .
ومن ثم ترى المفلقين السحرة يتناسون التشبيه ويضربون عنه صفحا . وعلله السكاكي بأن من شرط الاستعارة إمكان حمل الكلام على الحقيقة في الظاهر وتناسي التشبيه ، و ( زيد أسد ) لا يمكن كونه حقيقة ، فلا يجوز أن يكون استعارة ، وتابعه صاحب الإيضاح .
قال في عروس الأفراح : وما قالاه ممنوع وليس من شرط الاستعارة صلاحية الكلام لصرفه إلى الحقيقة في الظاهر .
قال : بل لو عكس ذلك وقيل : لا بد من عدم صلاحيته لكان أقرب ؛ لأن الاستعارة مجاز لا بد له من قرينة ، فإن لم تكن قرينة امتنع صرفه إلى الاستعارة وصرفناه إلى حقيقته ، وإنما نصرفه إلى الاستعارة بقرينة : إما لفظية أو معنوية ، نحو : زيد أسد ، فالإخبار به عن زيد قرينة صارفة عن إرادة حقيقته .
قال : والذي نختاره في ، نحو : زيد أسد قسمان : تارة يقصد به التشبيه فتكون أداة التشبيه مقدرة . وتارة يقصد به الاستعارة فلا تكون مقدرة ، ويكون الأسد مستعملا في حقيقته . وذكر زيد : والإخبار عنه بما لا يصلح له حقيقة قرينة صارفة إلى الاستعارة دالة عليها ، فإن قامت قرينة على حذف الأداة صرنا إليه ، وإن لم تقم فنحن بين إضمار واستعارة ، والاستعارة أولى فيصار إليها .
وممن صرح بهذا الفرق عبد اللطيف البغدادي في قوانين البلاغة . وكذا قال حازم : الفرق بينهما أن الاستعارة وإن كان فيها معنى التشبيه فتقدير حرف التشبيه لا يجوز فيها ، والتشبيه بغير حرف على خلاف ذلك ؛ لأن تقدير حرف التشبيه واجب فيه .