25 - . بل
حرف إضراب عن الأول ، وإثبات للثاني يتلوه جملة ومفرد .
فالأول الإضراب فيه ، إما بمعنى ترك الأول والرجوع عنه بإبطاله ، وتسمى حرف ابتداء ، كقوله تعالى : وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون ( الأنبياء : 26 ) أي بل هم عباد وكذا : أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق ( المؤمنون : 70 ) .
وإما ، والخروج من قصة إلى قصة ، من غير رجوع عن الأول ، وهي في هذه الحالة عاطفة كما قاله الانتقال من حديث إلى حديث آخر الصفار ، كقوله تعالى : ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ( الأنعام : 94 ) بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ( الكهف : 48 ) وقوله : أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك ( السجدة : 3 ) انتقل من القصة الأولى إلى ما هو أهم منها . وما يشعرون أيان يبعثون بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون ( النمل : 65 - 66 ) ليست للانتقال ، بل هم متصفون بهذه الصفات كلها .
وقوله : وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ( الشعراء : 166 ) وفي موضع : بل أنتم قوم تجهلون ( النمل : 55 ) وفي موضع : بل أنتم قوم مسرفون ( الأعراف : 81 ) .
والمراد تعديد خطاياهم واتصافهم بهذه [ ص: 228 ] الصفات و " بل " لم ينو ما أضافه إليهم من إتيان الذكور والإعراض عن الإناث ، بل استدرك بها بيان عدوانهم ، وخرج من تلك القصة إلى هذه الآية .
وزعم صاحب البسيط وابن مالك أنها لا تقع في القرآن إلا بهذا المعنى ، وليست كذلك لما سبق ، وكذا قال في شرح المفصل ، إبطال ما للأول ، وإثباته للثاني إن كان في الإثبات ، نحو : جاء زيد بل عمرو ، فهو من باب الغلط ، فلا يقع مثله في القرآن ، ولا في كلام فصيح . وإن كان ما في النفي نحو : ما جاءني زيد بل عمرو ، ويجوز أن يكون من باب الغلط ، يكون عمرو غير جاء ، ويجوز أن يكون مثبتا لعمرو المجيء ، فلا يكون غلطا . انتهى . ابن الحاجب
ومنه أيضا قوله : قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا ( الأعلى : 14 إلى 16 ) وقوله : ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون بل قلوبهم في غمرة من هذا ( المؤمنون : 62 - 63 ) .
وقوله : ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق ( ص : 1 - 2 ) ترك الكلام الأول ، وأخذ ببل في كلام ثان ، ثم قال حكاية عن المشركين : أءنزل عليه الذكر من بيننا ( ص : 8 ) ثم قال : بل هم في شك من ذكري ( ص : 8 ) ثم ترك الكلام الأول وأخذ ببل في كلام آخر ، فقال : بل لما يذوقوا عذاب ( ص : 8 ) . وقيل : إن قوله : بل الذين كفروا ( ص : 2 ) بمعنى أن لا فالقسم لابد له من جواب
[ ص: 229 ] والثاني أعني - ما يتلوها مفرد - فهي عاطفة ، ثم إن تقدمها إثبات نحو : اضرب زيدا بل عمرا ، وأقام زيد بل عمرو ، فقال النحاة : هي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه ، فلا يحكم عليه بشيء ، ويثبت ما بعدها . وإن تقدمها نفي أو نهي فهي لتقرير ما قبلها على حاله . وجعل ضده لما بعدها ، نحو : ما قام زيد بل عمرو ، ولا يقم زيد بل عمرو . ووافق على ما ذكرنا غير أنه أجاز مع ذلك أن تكون ناقلة معنى النهي أو النفي إلى ما بعدها . المبرد
وحاصل الخلاف أنه إذا وقع قبلها النفي هل تنفي الفعل أو توجبه ؟